وجمع الرصاص من كل مكان، وبقيت قطعة من السقف لم يجدوا لها رصاصاً إلا عند امرأة أبيت أن تبيعه إلا بوزنه ذهباً، فكتب بذلك العاملُ إلى الوليد، فقال له: اشتره منها بوزنه ذهباً، فلما قال لها ذلك قالت: هو هدية مني إلى المسجد. فقال لها: كيف ضئنتِ به أولاً إلا بوزنه ذهباً ثم سمحت به هدية؟ قالت: أنا لا أريد الذهب ولكن أردتُ أن أختبر عدل الإسلام. قالوا: وكانت يهودية. فكُتب على صفحائه كلمة (الله).
فتم المسجد صحناً مكشوفاً، حوله ثلاثة صفوف من الأعمدة من غرب وشمال وشرق، وحَرَم مسقوف في وسطه رواق عالٍ من الشمال إلى الجنوب تتوّجه قبة النسر، وثلاثة أروقة من الشرق إلى الغرب، كانوا يسمّونها البلاطات وكلّه من المرمر، وقد أُسدت على أبواب الحرم وعلى الثلث الأدنى من جدرانه الستور المزدوجة، كما يكون اليوم في دور الموسرين المترفين، ولكنها من الديباج والوشي، وغُطّي باقي الجدار وجدران الصحن بالفسيفساء. والفسيفساء (والكلمة يونانية أصلها بسيفوسيس) فصوص صغيرة، تكون من الزجاج والحجر، ومن الرخام ومن الصدف، مختلفة الألوان والأشكال، فمنها المثلث والمربع والمستدير والمستطيل، ترصف على طبقة من الجص المصمغ أو نحوه، وربما صُنعت فصوصها من مواد مختلفة، تُخلط وتُطبخ على طريقة كانت معروفة، وربما حُلّيت بالذهب وغُطّيت بطبقة من الزجاج أو ما يشبهه. وقد توصلت وزارة أوقاف الشام إلى صنع مثلها في هذه الأيام. وكانت أرض المسجد وجدرانه وسقوفه مغطاةً بهذه الفصوص