كعمرويه ورحيم كزبير بن مالك الخزرجي وابن حسان الدهقان ومرحوم العطار محدثون ورحمة من أسمائهن والجوهري ذكرهما وأتى في ذكرهما بفوائد عظيمة حيث قال والرحمن والرحيم اسمان مشتقان ونظيرهما ندمان ونديم وهما بمعنى ويجوز تكرير الاسمين إذا اختلف اشتقاقهما على جهة التوكيد كما يقال جادّ مجدّ إلا أن اسم الرحمن مختص لله تعالى لا يجوز أن يسمى به غيره ألا ترى إنه تبارك وتعالى قال ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فعادل به الاسم الذي لا يشركه فيه غيره وكان مسيلمة الكذاب يقال له رحمن اليمامة والرحيم قد يكون بمعنى المرحوم كما يكون بمعنى الراحم قال عملس بن عقيل
(فإما إذا عضت بك الحرب عضة ... فإنك معطوف عليك رحيم)
وتراحم القوم رحم بعضهم بعضا وكل ذلك ليس في القاموس غير أن حق اللغة اقتص من مصنفة فإنه ربكه في أغلاط كثيرة في ذكر تلك الإعلام التي فضلها على كلام العرب كما يعلم من حاشية القاموس المطبوع بمصر حيث جعل الابن أبا والأب ابنا والرجل امرأة والمرأة رجلا والمدينة جبلا والجبل مدينة والغرب شرقا والشرق غربا لا جرم أن للصحاح مزية على القاموس في وضوح العبارة والاستدلال بالآيات والحديث والشواهد من كلام العرب والقواعد الصرفية والنحوية واللغوية وكثيرا ما ينحو مؤلفه منحى تعليم المركب من الكلام فضلا عن تعريف المفردات كقوله مثلا ويقال سن للناس الندى فندوا وقوله ما كنت عما ولقد عممت عمومة وبيني وبين فلان عمومة كما يقال ابوة وخؤولة وعمم الرجل سود لأن العمائم تيجان العرب كما قيل في العجم توج وقوله اية غول أغول من الغضب وقوله برئت إليك من شبابه وشبيبه وعضاضة وعضيضه وقوله الصبابة رقة الشوق وحرارته يقال صب عاشق مشتاق وقوله دعني وعلىّ خطأي وصوبي أي صوابي وقوله والمنديات المخزيات يقال ما نديت بشيء أنت تكرهه وقوله الاسجاح حسن العفو يقال ملكت فاسجح ويقال إذا سألت فاسجح أي سهل ألفاظك وأرفق وهلم جرا ودون ذلك قوله العقيصة الضفيرة يقال لفلان عقيصتان وقوله المسد الليف يقال حبل من مسد وقوله وهذا مهنأ قد جآءؤ وهو اسم رجل وقوله العرف الريح طيبة كانت أو منتنة يقال ما أطيب عرفه. وأشهر من تحرى تعليم المركبات مع السجع الزمخشري في أساس البلاغة فهذا الأسلوب انتهى إليه. وللصحاح مزية أخرى وهي أن مؤلفه شافه العرب وضبط كلامهم وكلام الأئمة الذين نقل عنهم على الترتيب الحسن الذي ابتدعه فهو أول من رتب اللغة على هذا الأسلوب وبه اقتدى الصغاني وابن منظور والمصنف ومع أن المصنف ألف كتابه في زبيد وزعم أن أهل جبل عكاد القريب منها باقون على العربية الفصيحة كما سيأتي لم يتعن لمشافهتهم والأخذ عنهم بل قلما اسند شيئا مما رواه إلى قائله وإن كان على غير القياس خلافا لغيره ممن ألف في اللغة فإنهم متى ذكروا شيئا من