هذا السر للعرب بعد ان مضت عليهم قرون عديدة وهم يجهلونه فانى لَعاذروه لانه كان غنيا وعائشا بين ضرتين وهاتان الخطتان تحملان الانسان على ان يرتكب ما هو اعظم من التصحيف والتحريف فقد روى الامام السيوطى فى المزهر نقلا عن ابن المعتز ان الخليل كان منقطعا الى الليث فلما صنف كتابه العين خصه به فحظى عنده جدا ووقع عنده موقعا عظيما ووهب له مائة الف (كذا) واقبل على حفظه وملازمته فحفظ منه النصف واتفق انه اشترى جارية نفيسة فغارت ابنه عمه وقالت والله لأغيظنه وان غظته فى المال لا يبالى ولكنى اراه مكبا ليله ونهاره على هذا الكتاب والله لأفجعنه به فاحرقته فلما علم بذلك اشتد اسفه الخ لكنى لست اعذر المصنف على تفاهته على ايراد تقيأت من دون ترو لانه متأخر عن جميع من الف فى اللغة وشأن المتأخر ان يراجع كلام من تقدمه ويميز غثه من سمينه فكان عليه ان يراجع التهذيب والاساس ولسان العرب ليكون منها على بصيرة فيما يرويه كيف لا وقد تصدى لذكر ما وقع فيه الخلاف فى الفاء والقاف كما مرآنفا. وقال ايضا فى العين ابو منفعه الثقفى صحابى ليس مصحف او منقعة الانمارى بالقاف. الهمتع جنى التنضب وليس بتصحيف الهمقع بالقاف. وقال فى الفاء والقاف الكراض بالكسر الخداج وعمل الكريض لضرب من الاقط او هو بالصاد. الحبطة بقية الماء فى الحوض او الصواب بالخاء. الزخلوط الرجل الخسيس او الصواب بالحاء. هلطه اخذه اجمع او الصواب هلمطه. الهلباع سبع صغير او الصواب بالغين. الشفلع كالشعلع ونة والغلف. الحشيلة كسفين العيال كالحشيلة او احدهما تصحيف. الضجن محركة د عن ابن سيده وانشد بيت ابن مقبل الذى انشده الجوهرى فى ض ح ن فاحدهما مصحف وهو دأب المحققين فان من تصدى للتأليف فى العربية تعين عليه ان يذكر اختلاف الاقوال فيما يحرره من المسائل ولا يقول فيها بهوى نفسه ولا يعتمد فيها على حدسه ألا ترى ان شراح الحديث الشريف اذا اوردوا حديثا ذكروا الخلاف فى لفظه ومعناه وكذلك المفسرون يذكرون اختلاف القراآت والتأويل وما يتحاشون من ذلك مع ان هذا النوع يحسبه الملحدون الجاحدون تناقضا فاضر المصنف لو كان تروى فى تقيأت وذكر الخلاف فيها.
فان قيل انه لم يكن عنده نسخة من التهذيب ولسان العرب واساس البلاغة قلت هذا من قبيل قولهم عذر اقبح من ذنب اما اولا فلأنه شهد على نفسه بانه جمع كتابه من المحكم والعباب من اذ كتب الجامعة والثانى انه الف قاموسه فى زبيد بعد ان زار مصر واخذ عن علمائها كما ان بعضهم ايضا اخذ عنه كما مر فى شرح الخطبة فكيف يحتمل انه لما كان بمصر لم يسمع بذكر