ويبين ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:
((الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان)) (?).
فتدبر هذا الحديث العظيم ... كيف جمع فيه - صلى الله عليه وسلم - أعلى مراتب الإيمان مع الحياء ومع أدنى عمل من أعمال الإسلام، دون تفريق مزعوم، ولا تفصيل مشؤوم.
فأين يمكن للمفرقين أن يحدُّوا حَدَّهُمْ، ويقدموا تفريقهم، ويضعوا فاصلهم في هذا الحديث العظيم.
وانظر كيف عَدَّ إماطةَ الأذى من الإيمان، وَلَازِمُ ذلك أن فاعله يزداد إيمانًا، وتاركه ينقص إيمانًا، فكيف بمن ترك ما هو أعلى منه، وكيف بمن هجر ما رُتِّبَ عليه أجر عظيم، وكيف بمن توعد اللهُ فَاعِلَهُ عذابًا أليمًا؟ !
عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: ((أَمَرَنَا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبع، ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض، واتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإبرار القسم (أو المقسم)، ونصر المظلوم، وإجابة الداعي، وإفشاء السلام)) (?).
فانظر كيف جمع نبي الهدى - صلى الله عليه وسلم - بين تشميت العاطس، ونصر المظلوم، في حديث واحد، دون هذا التفريق المبتدع، ولا هذا التقسيم المصطنع.