الشارب لما جيء به إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ضربوه بالجريد والنعال وأطراف الثياب، ومثل هذا يستعمل إذا كانت المعصية غير منتشرة، أو ممن حصلت منه هفوة أو زلة وليس بأهلٍ لذلك، يخفف في أمرها، أما إذا زاد الأمر ولم يكتفِ الناس بالحد، فإنه في مثل هذه الحالة يزاد في العقوبة، في كيفيتها لا في كميتها، يزاد في كيفيتها، فيضرب الشارب في المرة الأولى، ثم يشدد عليه في الثانية، ثم يشدد عليه في الثالثة، ولو قتل تعزيراً في الرابعة كما جاء في حديث معاوية، الحديث كما يقرر أهل الحكم أنه محكم، ومنهم من يرى أنه منسوخ، لكن شيخ الإسلام يرى أنه تعزيز، وأنه إذا لم يرتدع الناس في الحد فللإمام أن يقتل.
الخامسة عشرة: فقال مالك وأصحابه والليث بن سعد: الضرب في الحدود كلها سواء، ضرب غير مبرح ضرب بين ضربين، وهو قول الشافعي -رضي الله عنه-، وقال أبو حنيفة وأصحابه: التعزير أشد الضرب، وضرب الزنا أشد من الضرب في الخمر، وضرب الشارب أشد من ضرب القذف، وقال الثوري: ضرب الزنا أشد من ضرب القذف، وضرب القذف أشد من ضرب الخمر، احتج مالك بورود التوقيف على عدد الجلدات، ولم يرد في شيء منها تخفيف ولا تثقيل عمن يجب التسليم له.
واحتج أبو حنيفة بفعل عمر فإنه ضرب في التعزير ضرباً أشد منه في الزنا، واحتج الثوري بأن الزنا لما كان أكثر عدداً في الجلدات استحال أن يكون القذف أبلغ في النكاية، كذلك الخمر لأنه لم يثبت فيه الحد إلا بالاجتهاد وسبيل مسائل الاجتهاد لا يقوى قوة مسائل التوقيف ..
أما بالنسبة للأربعين فهي الحد، وما زاد على ذلك إلى الثمانين فهي بالاجتهاد، وجمهور أهل العلم على أن الحد ثمانين.
طالب: جلد شخص 480 جلدة
الشيخ: كم؟
طالب: 480 في ست أشهر
الشيخ: هذا حسب عظم الجرم، هذا في التعزير.
طالب: كل شهر ثمانين.
الشيخ: لا لا معه شيء في القضية، الحد معه شيء في القضية.
السادسة عشرة: الحد الذي أوجب الله في الزنا والخمر والقذف وغير ذلك، ينبغي أن يقام بين أيدي الحكام ولا يقيمه إلا فضلاء الناس وخيارهم، يختارهم الإمام لذلك ..