مسألة: هذه الآية كانت قبل آية السيف نسخ منها ما يخص الكفرة، وبقي أدبها في المسلمين إلى يوم القيامة، وذكر سيبويه النسخ في هذه الآية في كتابه وما تكلم فيه على نسخٍ سواه، رجح به أن المراد السلامة لا التسليم؛ لأن المؤمنين لم يؤمروا قط بالسلام على الكفرة، والآية مكية فنسختها آية السيف، قال النحاس: ولا نعلم لسيبويه كلاماً في معنى الناسخ والمنسوخ إلا في هذه الآية، قال سيبويه: لم يؤمر المسلمون يومئذٍ أن يسلموا على المشركين لكنه على معنى قوله: تسلمنا منكم ولا خير ولا شر بيننا وبينكم، قال المبرد: كان ينبغي أن يقال: لم يؤمر المسلمين يومئذٍ بحربهم ثم أمروا بحربهم، وقال محمد بن يزيد:

المبرد –المبرد معروف-.

أخطأ سيبويه في هذا، وأساء العبارة، قال ابن العربي: لم يؤمر المسلمين يومئذٍ أن يسلموا على المشركين ولا نهوا عن ذلك، بل أمروا بالصفح والهجر الجميل، وقد كان -عليه الصلاة والسلام- يقف على أنديتهم ويحييهم ويدانيهم ولا يداهنهم.

لعلها يداريهم، المداراة مطلوبة، لكن المداهنة محرمة، المداراة التي تقتضي لين الكلام مطلوبة، لكن المداهنة في التنازل عن شيءٍ من الحق أو ارتكاب شيءٍ من الباطل {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} [(9) سورة القلم] أما المداراة فلا بأس بها عند الحاجة إليها، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- قال عن الرجل: ((بئس أخو العشيرة)) ولما استأذن ودخل ألان له الكلام.

طالب: إذا أحسن الكافر إليك تدعو له أو .... ؟

يدعى له بالهداية.

وقد اتفق الناس على أن السفيه من المؤمنين إذا جفاك يجوز أن تقول له: سلام عليك، قلت: هذا القول أشبه بدلائل السنة، وقد بينا في سورة مريم اختلاف العلماء في جواز التسليم على الكفار، فلا حاجة إلى دعوى النسخ، والله أعلم.

وقد ذكر النضر بن شميل قال: حدثني الخليل قال: أتيت أبا ربيعة الأعرابي وكان من أعلم من رأيت، فإذا هو على سطح فلما سلمنا رد علينا السلام، وقال لنا: استووا ..

استووا يعني اصعدوا، اصعدوا إلى السطح، فمن معاني الاستواء الصعود، استوى: صعد وعلا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015