قوله تعالى: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [(63) سورة الفرقان] قال النحاس: ليس {سَلَامًا} من التسليم إنما هو من التسليم تقول العرب: سلاماً: أي تسلماً منك: أي براءة منك منصوب على أحد أمرين: يجوز أن يكون منصوبا بـ {قَالُوا} ويجوز أن يكون مصدراً، وهذا قول سيبويه، قال ابن عطية: والذي أقوله: أن {قَالُوا} هو العامل في {سَلَامًا} لأن المعنى: قالوا هذا اللفظ، وقال مجاهد: معنى {سَلَامًا} سداداً أي يقول للجاهل كلاماً يدفعه به برفق ولين، فـ {قَالُوا} على هذا التأويل عامل في قوله: {سَلَامًا} على طريقة النحويين، وذلك أنه بمعنى قولاً، وقالت فرقة: ينبغي للمخاطب أن يقول للجاهل سلاماً بهذا اللفظ: أي سلمنا سلاماً أو تسليماً ونحو هذا، فيكون العامل فيه فعلاً من لفظه على طريقة النحويين.
مسألة: هذه الآية كانت قبل آية السيف نسخ منها ..
{سَلَامًا} يعني مصدر مؤكد للفعل نفسه سلمنا سلاماً أو سلّمنا سلاماً، أو لمعناه قلنا: سلاماً أو قالوا: سلاماً، يعني قولاً سلاماً، وهذا نظير قول الصائم لمن سابّه وشاتمه فليقل: إني صائم، والمسلم إذا قيل له من قبل السفهاء ما يقال له، قال: سلاماً؛ لأني لا أقول إلا ما يرضي الله -جل وعلا- وأسلم به، كما أن الصائم ليس بمستعدٍ لمكافأة السفهاء على ما يقولون، وكذلك المسلم في أحواله كلها، يعني إذا جاء النص خاص بالصيام فمثل النص الذي معنا عام في جميع أحوال المسلم، عباد الرحمن هؤلاء هذه صفاتهم.