وقول خامس: أنها المساجد الأربعة التي لم يبنها إلا نبي: الكعبة، وبيت أريحا، ومسجد المدينة، ومسجد قباء، قاله ابن بريدة، وقد تقدم ذلك في (براءة). قلت: الأظهر القول الأول، لما رواه أنس بن مالك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((من أحب الله -عز وجل- فليحبني، ومن أحبني فليحب أصحابي، ومن أحب أصحابي فليحب القرآن، ومن أحب القرآن فليحب المساجد، فإنها أفنية الله أبنيته، أذن الله في رفعها، وبارك فيها، ميمونة ميمون أهلها، محفوظة محفوظ أهلها، هم في صلاتهم والله -عز وجل- في حوائجهم، هم في مساجدهم، والله من ورائهم)).
ماذا قال عنه؟
طالب: قال: باطل، أخرجه ابن عدي في الكامل من حديث ابن عباس وأعله بموسى بن عبد الرحمن الثقفي وذكر له أحاديث أخر وقال: هذه بواطيل، ووافقه الذهبي في الميزان وفي بيسان قال: ابن حبان: هو دجال وضعيف ذكره في التفسير.
لكن حديث أنس؟ وعزاه لأنس؟
طالب: هو هذا حديث أنس.
أنت قلت: من حديث ابن عباس؟ عند ابن عدي من حديث ابن عباس؟
طالب: أخرجه ابن عدي في الكامل من حديث ابن عباس.
على كل حال لو روي من طريقٍ آخر مثله ما يستفيد، ما دام باطل ما يستفيد، ما يرتقي.
الثانية: قوله تعالى: {أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ} [(36) سورة النور] {أَذِنَ} معناه أمر وقضى وحقيقة الإذن العلم والتمكين دون حظر، فإن اقترن بذلك أمر وإنفاذ كان أقوى و {تُرْفَعَ} قيل: معناه تبنى وتعلى، قاله مجاهد وعكرمة، ومنه قوله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ} [(127) سورة البقرة] وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((من بنى مسجداً من ماله بنى الله له بيتاً في الجنة)) وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة تحض على بنيان المساجد ..
حتى عدّ من المتواتر، عدّوه من المتواتر.
مما تواتر حديث من كذب ... ومن بنى لله بيتاً واحتسب
طالب: الذي يبني مسجد ويكتب عليه اسمه؟
يقول ابن الجوزي ما له من الأجر إلا هذا الاسم، يقول: ليس له إلا هذا الاسم –يكفيه-.
طالب: بعضهم يكتب اسمه يقول حتى إذا شاهده الناس يدعو لي ويستغفر لي.
يدعو لمن بناه، لا يسمي نفسه، يقول: بني على نفقة من يرجو ثواب الله، ويكفي ويدعى له -إن شاء الله-.