وكذا ما جاء في الخبر فيما يحكى عن التوراة: أن المؤمن إذا مشى إلى المسجد قال الله -تبارك اسمه-: عبدي زارني، وعلي قراه، ولن أرضى له قرىً دون الجنة. قال ابن الأنباري: إن جعلت {في} متعلقة بـ {يسبح} أو رافعة للرجال حسن الوقف على قوله: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وقال الرماني: هي متعلقة بـ {يوقد} وعليه فلا يوقف على {عليم} فإن قيل: فما الوجه إذا كانت البيوت متعلقة ب {يوقد} في توحيد المصباح والمشكاة وجمع البيوت، ولا يكون مشكاةً واحدة إلا في بيت واحد؟ قيل: هذا من الخطاب المتلون الذي يفتح بالتوحيد، ويختم بالجمع، كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء} [(1) سورة الطلاق] ونحوه وقيل: رجع إلى كل واحد من البيوت، وقيل: هو كقوله تعالى: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} [(16) سورة نوح] وإنما هو في واحدة منها.

واختلف الناس في البيوت هنا على خمسة أقوال: الأول: أنها المساجد المخصوصة لله تعالى بالعبادة، وأنها تضيء لأهل السماء، كما تضيء النجوم لأهل الأرض، قاله ابن عباس ومجاهد والحسن.

وهي المأمور برفعها –يعني ببنائها-.

الثاني: هي بيوت بيت المقدس عن الحسن أيضاً، الثالث: بيوت النبي -صلى الله عليه وسلم- عن مجاهد أيضاً، الرابع: هي البيوت كلها قاله عكرمة، وقوله: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [(36) سورة النور] يقوي أنها المساجد ..

نعم، وأما البيوت كلها فلا فضل لها ولا مزية على البراري والقفار، أنما المراد بها المساجد التي أمر الله ببنائها، وتسبيح الله -جل وعلا- بالصلوات والأذكار في الغدو والآصال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015