روى الأئمة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: دخلت علي بريرة فقالت: إن أهلي كاتبوني على تسع أواق في تسع سنين كل سنة أوقية، فأعينيني ... الحديث، فهذا دليل على أن للسيد أن يكاتب عبده، وهو لا شيء معه، ألا ترى أن بريرة جاءت عائشة تخبرها بأنها كاتبت أهلها، وسألتها أن تعينها، وذلك كان في أول كتابتها قبل أن تؤدي منها شيئاً، كذلك ذكره ابن شهاب عن عروة أن عائشة أخبرته أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها، ولم تكن قضت من كتابتها شيئاً، أخرجه البخاري، وأبو داود، وفي هذا دليل على جواز كتابة الأمة، وهي غير ذات صنعة ولا حرفة ولا مال ..
لكن لا بد من أن يكون عدم وقوعها في الفاحشة وتعريضها للفتنة يكون غلبة ظن، بحيث يغلب على الظن أنها لا تزاول الفاحشة، ولا تكون مثار فتنة بين الناس، فإذا تحقق هذا فلا مانع من كتابتها، أما إذا خشي أن تكون مثار فتنة للناس، ومحل تحرش بها لأنها لا يوجد من يحميها، أو أنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها فلا.
طالب: فترة الكتابة إن طالت الكتابة إلى سبع سنوات -مثلاً- هل تكون في خدمة سيدها؟
لا لا، خدمة نفسها، تبحث عما تسدد به، نجوم الكتابة، يترك الرقيق إذا كوتب، وإن كان رقيق ما بقي عليه درهم، هو ما زال في حكم الرق، لكن الخدمة لا، يترك الأمر له ليكتسب ويسدد.
ولم يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- هل لها كسب أو عمل واصب أو مال، ولو كان هذا واجباً لسأل عنه ليقع حكمه عليه؛ لأنه بعث مبيناً معلماً -صلى الله عليه وسلم-، وفي هذا الحديث ما يدل على أن من تأول في قوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [(33) سورة النور] أن المال الخير ليس بالتأويل الجيد، وأن الخير المذكور هو القوة على الاكتساب مع الأمانة، والله أعلم.
السادسة: الكتابة تكون بقليل المال وكثيره، وتكون على أنجم؛ لحديث بريرة، وهذا ما لا خلاف فيه بين العلماء، والحمد لله.