قلت: وحديث بريرة يرد قول من قال: إن الخير المال على ما يأتي.
الخامسة: اختلف العلماء في كتابة من لا حرفة له ..
وقد كوتبت، ولم تكاتب إلا بعد أن تحقق الوصف فيها، وهو علم الخير، ولا مال لها؛ لأنها جاءت تطلب من عائشة -رضي الله عنها- فدل على أن الخير هنا ليس هو المال، وإنما هو القدرة على تحصيل المال، والقدرة على النفع والانتفاع، انتفاع الناس بهذا الرقيق، يعني علمت في هذا الرقيق خير أنه ينتفع بنفسه، يطلب العلم ويتفرغ للعلم وينفع الأمة هذا خير، ولو لم يقدر على تحصيل المال لم يتسنَ له المال، ممكن بواسطة الزكاة لأنه من الرقاب المأمور بعتقها، فإذا علم فيه خير، أي خيرٍ كان، لو كان بتحصيل علم، بتحصيل مال، بنفع المسلمين، بقدرته على التعامل مع الناس بوضوح وصراحة، وعدم غش ولا خيانة، هذا فيه خير -إن شاء الله تعالى-.
الخامسة: اختلف العلماء في كتابة من لا حرفة له، فكان ابن عمر يكره أن يكاتب عبده إذا لم تكن له حرفة، ويقول: أتأمرني أن آكل أوساخ الناس، ونحوه عن سلمان الفارسي ..
أتأمرني أن آكل أوساخ الناس، من الذي يقول هذا؟ المكاتِب أو المكاتَب؟ ابن عمر السيد؛ لأن هذا الرقيق اضطر إلى أن يأخذ إلى الزكوات، وهي أوساخ الناس، ثم يدفعها إلى السيد، فيكون مآل أوساخ الناس إلى هذا السيد.
وروى حكيم بن حزام قال: كتب عمر بن الخطاب إلى عمير بن سعد: أما بعد: فأنه من قبلك من المسلمين أن يكاتبوا أرقاءهم على مسألة الناس، وكره الأوزاعي وأحمد وإسحاق ورخص في ذلك مالك وأبو حنيفة والشافعي، وروي عن علي -رضي الله عنه- أن ابن التياح -مؤذنه- قال له: أكاتب وليس لي مال؟ قال: نعم، ثم حض الناس على الصدقة عليّّ فأعطوني ما فضل عن مكاتبتي، فأتيت علياً، فقال: اجعلها في الرقاب، وقد روي عن مالك كراهة ذلك، وأن الأمة التي لا حرفة لها يكره مكاتبتها لما يؤدي إليه من فسادها، والحجة في السنة لا فيما خالفها.