قال الشارح: [فإن كان متمتعاً أو قارناً؛ فقد انقضى حجه وعمرته، وإن كان مفرداً خرج إلى التنعيم فأحرم بالعمرة منه، ثم أتى مكة فطاف وسعى وحلق أو قصر]، والمعنى: أن المتمتع والقارن ينتهي نسكهما في اليوم الثاني عشر من أيام ذي الحجة، والمفرد يجوز له أن يذهب إلى التنعيم ليحرم بالعمرة بعد أن أدى الحج.
قال الشارح: [وإن كان مفرداً خرج إلى التنعيم فأحرم بالعمرة منه، ثم أتى مكة فطاف وسعى وحلق أو قصر، فإن لم يكن له شعر استحب أن يمرر الموسى على رأسه، وقد تم حجه وعمرته؛ لأنه قد فعل أفعال الحج والعمرة.
وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد، ولكن عليه وعلى المتمتع دم]، وهذا مقارنة بين المتمتع وبين القارن وبين المفرد، وإذا نظرنا إلى أعمال كل منهم فسوف نجد أن على المتمتع أن يطوف: طواف العمرة، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع.
وعلى القارن أن يطوف: طواف القدوم، وطواف الإفاضة، وطواف الوداع، لكن طواف القدوم بالنسبة للقارن سنة، إن لم يفعله فلا شيء عليه.
أما المفرد فمثل القارن إلا أمر واحد وهو: أن القارن عليه دم، والمفرد ليس عليه دم، هذا الفرق الوحيد بين القارن وبين المفرد.
قال الشارح: [وليس في عمل القارن زيادة على عمل المفرد، ولكن عليه وعلى المتمتع دم]، فالقارن عليه دم، والمتمتع عليه دم.
وهنا مسألة مهمة فلو أن رجلاً دخل إلى مكة بثيابه لأن معه تأشيرة عمل، ولا يستطيع أن يحرم من الميقات، فماذا يلزمه؟
صلى الله عليه وسلم إن كان مفرداً لزمه دم واحد، هو دم ترك الإحرام من الميقات، وإن كان متمتعاً فعليه دمان: الدم الأول دم ترك الواجب، والدم الثاني دم التمتع، لقوله تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ} [البقرة:196].
قال الشارح: [بل فعلهما سواء]، أي القارن والمفرد.
قال الشارح: [ويجزيه طواف واحد وسعي واحد لحجه وعمرته، نص عليه أحمد في رواية جماعة من أصحابه]، أي: أن المفرد يلزمه طواف واحد، ويلزمه سعي واحد، والقارن كذلك، والمتمتع يلزمه طوافان وسعيان، طواف العمرة وطواف الحج، وسعي العمرة وسعي الحج، ولو قال قائل: أين طواف العمرة؟ قلنا: كحال الطهارة الصغرى حينما تدخل في الكبرى، والمعنى: أنك حينما تغتسل وتنوي بغسلك الوضوء؛ يدخل الوضوء في الغسل، تماماً كما قال الإمام أحمد، ودليله واضح في صحيح مسلم أن المفرد والقارن ليس عليهما إلا طواف وسعي واحد.
قال الشارح: [وعنه]، يعني: عن أحمد في رواية أخرى.
قال الشارح: [أن على القارن طوافين وسعيين، روي ذلك عن علي، ولم يصح عنه، واحتج من قال ذلك بقوله سبحانه: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة:196]، وتمامهما أن يأتي بأفعالهما على الكمال، ولم يفرق بين القارن وغيره، قالوا: وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من جمع بين الحج والعمرة فعليه طوافان)]، حديث الدارقطني ضعيف، وبهذا يستدل من قال: إن على القارن طوافين وسعيين، وهذا مذهب أحمد في الرواية الأخرى.
والراجح: أن عليه طواف واحد وسعي واحد، وسأذكر الأدلة بعد استعراض الرأي الثاني.
يقول الشارح: [ولنا ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: وأما الذين كانوا جمعوا الحج والعمرة، فإنما طافوا لهما طوافاً واحداً، متفق عليه.
وفي مسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـ عائشة لما قرنت بين الحج والعمرة: يسعك طوافك لحجك وعمرتك) الحديث، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحرم بالحج والعمرة؛ أجزأه طواف واحد وسعي واحد حتى يحل منهما جميعاً)، وعن جابر: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة، وطاف لهما طوافاً واحداً)، رواهما الترمذي، وقال في كل واحد منهما: حديث حسن.
وعنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجهم حين قدموا إلا طوافاً واحداً)، رواه الأثرم وابن ماجه، كل ذلك يستدل به الإمام أحمد في روايته الأولى على أن القارن والمفرد لهما طواف واحد وسعي واحد، وينتصر إلى هذا الرأي الذي فيه الحديث المتفق عليه، والذي رواه جابر أيضاً، لكن القارن عليه دم.
قال الشارح: [لكن عليه دم، أكثر أهل العلم على القول بوجوب الدم عليه]، يعني: على القارن.
قال الشارح: [ولا نعلم فيه اختلافاً، إلا ما حكي عن داود أنه قال: لا دم عليه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من قرن بين حجه وعمرته؛ فليهرق دماً)، ولأنه ترفه بسقوط أحد السفرين].
فالقارن هنا يؤدي العمر