والاشتراك اللفظي هو أن يكون للكلمة الواحدة أكثر من معنى، كلفظ أمة في قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ} [يوسف:45]، معناها هنا فترة زمنية، وفي قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل:120] معناها إمام، وفي قوله تعالى: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً} [القصص:23] معناها: جماعة من الرجال، وفي قوله تعالى: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [الزخرف:22] معناها ملة ودين.
فلفظ أمة من الألفاظ المشتركة، وهناك رسالة ماجستير في هذا بعنوان: المشترك اللفظي في الحقل القرآني.
فالمشترك اللفظي هو: أن يكون للكلمة الواحدة أكثر من معنى، ويعرف ذلك بتتبع المعاني في القرآن، وعدم فهم معنى الكلمة يسبب مشاكل.
والدكتور مصطفى محمود لعدم علمه بالاشتراك اللفظي وقع في الفخ فقال: لا رجم في القرآن، بل إن القرآن لا يعترف بالرجم، واستدل على ذلك بقول الله تعالى: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء:25].
ففهم أن الإحصان هو الزواج، ولكن الإحصان هنا يقصد به الحرة، ((فَإِذَا أُحْصِنَّ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ))، يعني: ما على الحرائر، فقوله: ((فَإِذَا أُحْصِنَّ)) المقصود: الأمة المملوكة.
وبعض الناس يقول: لا شفاعة في الآخرة؛ لأن ربنا يقول: {مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ} [غافر:18].
ونقول: قال تعالى في موضع آخر: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} [الأنبياء:28]، ففي موضع أثبت الشفاعة، وفي موضع نفاها، فالشفاعة المثبتة تختلف عن الشفاعة المنفية.
ونحن في زمن الإحن والمحن، فقد قرأت مقالاً في صحيفة الجمهورية تقول فيه الكاتبة الكريمة الجهبذة عالمة العلماء: إن الأصوليين لا يفهمون القرآن، فإن الشرع نهى عن تعدد الزوجات، فربنا قال في سورة النساء: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} [النساء:3]، ثم قال في موضع آخر: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [النساء:129].
ففي موضع نفى العدل، وفي موضع قال: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا} [النساء:3].
فعدم فهمها للنصوص القرآنية جعلها تخرج بقاعدة: أن الأصل هو الواحدة، ولا يجوز التعدد، ونقول لها: إن العدل الأول هو العدل المادي، فإذا أعطى الزوج لهذه شقة فليعط الثانية أيضاً شقة، وإذا أحضر للأولى جلباباً فليحضر للثانية جلباباً.
وأما المقصود في قوله تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا} [النساء:129] فهو الميل القلبي، فالجهة منفكة، وهذا هو التخبط الذي نراه على الساحة، وهذا الأمر هو الذي دفع الدكتور عبد الله بدر إلى أن يقول في أحد أشرطته: سأترك الخطابة والوعظ؛ لأن المسألة أصبحت فوضى، فالناس الآن في مصر خمسة وسبعون مليوناً، وثلاثة أرباع الشعب يحب الفضائيات، ويسمع ما يطلبه المستمعون، ويقول لك: هذا الداعية داعية على الموضة، داعية خمسة نجوم، يعني: كل حاجة عنده جائزة، فتأتي إليه المرأة وهي تلبس البنطلون وتقول له: ما رأيك في منظري، فيقول: لا بأس به، والناس يقولون عن هذا الداعية: إنه منفتح، وهوايتهم في هذا النوع.
وهذه الظاهرة ستنقرض؛ لأنها لا جذور لها وستنقضي بعد فترة، فلابد أن يؤصل العلم، ولا نريد تهييج ومخاطبة المشاعر.
فلو ألقيت خطبة عن الموت فستجد مائتي ألف يبكون، وإذا ألقيت درساً عن أصول الفقه فلن تجد إلا خمسة أشخاص حاضرين تقريباً، فالناس أصبح عندها رفض للعلم الشرعي؛ لأننا تعودنا على العواطف، وإثارة الجماهير، وعدم التأصيل العلمي، وكان الشيخ صفوت نور الدين رحمه الله دائماً يقول: هناك دعاة يقدمون ما يطلبه المستمعون، فلا تكن داعية لما يطلبه المستمعون، والمستمعون الآن عندهم فساد في الذوق العام، بل حتى في الباطل عندهم فساد، ففي الحق عندهم فساد وفي الباطل عندهم فساد.
فقد تجد شريطاً لمطرب هابط وهو جديد على الساحة فيباع منه عشرة ملايين نسخة، وكلهم يسمعونه، فهذا فساد في الذوق العام.
والأمور لا تقاس بكثرة الأتباع، ففي مولد البدوي يجتمع ثلاثة ملايين من الشرقية والدقهلية والمنوفية وغيرها، وبعضهم يحضر عجلاً، ومنهم من يحضر الماعز، ومنهم من يحضر عائلته، ومنهم من يحضر امرأته، ومنهم من يحضر عياله، ومنهم من يحضر الشاي، ومنهم من يحضر القرفة، وفي يوم الجمعة الماضية صلى أحد طلبة الجامعة في الأزهر مع أساتذة في الأزهر يعتنقون التصوف، فصعد الخطيب على المنبر وإذا به يقول: قال الله تعالى: {وَأَلَّوِ ا