فإن أمكنه استعماله في بعض بدنه ولم يمكن في بعضه -كالمجروح- استعمله وتيمم للباقي؛ لأنه خائف على نفسه ويشبه المريض.
بمعنى: إن أمكن استعمال الماء ومعه ماء يكفي لغسل بعض أعضاء الوضوء ولا يكفي للآخر، هل يترك هذا الماء أم يستخدم ما يمكن أن يستخدم ثم يتيمم للباقي؟
صلى الله عليه وسلم يستخدم الماء حتى ينتهي ثم يكمل بالتيمم؛ لأن ذلك ثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذا معناه: أن تحصّل من الواجبات ما تستطيع.
كحال بعض إخواننا في الصلاة ربما يكون عاجزاً عن القيام في الصلاة أثناء القراءة، يعني: لا يستطيع أن يقوم خلف الإمام فله أن يصلي جالساً، لكنه في حال ركوع الإمام ينبغي له أن يقوم ويركع وهو قائم لا كما يفعل البعض يركع وهو جالس، طالما يستطيع أن يركع وهو قائم فلا بد أن يحصل هذا الركن، يعني: يجلس عند القراءة، فإذا قال الإمام: الله أكبر عليه أن يقوم ثم يركع مع الإمام؛ لأنه قادر على الركوع، وهو عاجز عن القيام فقط خلفه في القراءة، إذاً: تحصل من الواجبات ما تستطيع، كما قال ربنا سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي شج رأسه أنه كان يجزئه أن يربط عليه خرقة ثم يمسح على هذا المربوط ويغسل الجزء الباقي.
يعني: رجل أصابته جنابة ثم شج في رأسه، فإن مكان الإصابة في الرأس، فهل يتيمم لكل جسده؛ أم يغتسل لسائر جسده ويمسح على الجزء؟ يغتسل لسائر الجسد ويمسح على الجزء، إذاً: يحصّل من الواجبات ما يستطيع.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإن وجد ماءً لا يكفي لزمه استعماله وتيمم للباقي]؛ لقوله عليه السلام: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم)، هذا إن كان جنباً، وإن كان محدثاً فعلى وجهين: أحدهما: يلزمه استعماله كالجنب، والثاني: لا يلزمه، وهذا مبني على وجوب الموالاة، وفيها روايتان: إن قلنا بوجوبها لم يلزمه استعماله؛ لأنه لا يفيد، وإن قلنا: إنها غير واجبة لزمه؛ لأنها تفيد رفع الحدث عن بعض بدنه، وأما الجنابة فليس فيها موالاة؛ لأن الأصل عدم الموالاة في الطهارتين؛ ولأن الله أمر بالغسل فيهما، وإنما وجبت في الوضوء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الذي رأى في قدمه لمعة لم يصبها الماء بإعادة الوضوء والصلاة؛ فبقي غسل الجنابة على الأصل.
في مسألة الجنابة وجد جزءاً من الماء لا يكفي لغسل بقية البدن، يكفي لغسل الشق الأيمن ولا يكفي لغسل الشق الأيسر، فهل يغسل الشق الأيمن ويتيمم للباقي؟ أم يجزئه التيمم في هذه الحالة كاملةً؟
صلى الله عليه وسلم الموالاة معناها: الترتيب والتتابع في غسل الأعضاء، ولا يترك فترة زمنية بين عضو وعضو، هنا يقول: من قال بوجوب الموالاة قال: يترك الماء كلياً ويتيمم؛ لأن الموالاة شرط، ومن قال بعدم وجوب الموالاة قال: يستخدم الماء بالقدر الكافي ثم يتيمم للباقي.