قال المصنف رحمه الله: [والصلاة عليه يكبر ويقرأ الفاتحة؛ (لأن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على النجاشي أربعاً)، متفق عليه.
ويقرأ الحمد في الأولى؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب).
وصلى ابن عباس على جنازة فقرأ بأم القرآن وقال: لتعلموا أنها من السنة، أو قال: من تمام السنة.
] ولا يقرأ دعاء استفتاح في الجنازة، بل يقرأ الفاتحة بعد التكبير مباشرة، وكان ابن عباس أحياناً يجهر بها ليعلمهم، يعني: كأن يقول: الله أكبر، {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة:2 - 4].
يعني: يعلم الذين خلفه.
قال المصنف رحمه الله: [ثم يكبر الثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لما روى ابن سهل عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم.
ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شيء منهن ثم يسلم سراً في نفسه]، يعني: لا يجهر بالتسليم.
قال المصنف رحمه الله: [ثم يكبر ويدعو للميت في الثالثة؛ لقوله عليه السلام: (إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء)؛ ولأنه المقصود فلا يجوز الإخلال به، ويدعو بما روى أبو إبراهيم الأشهلي عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة قال: (اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وزاد فيه: (اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام والسنة، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده).
وعن عوف بن مالك قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه: اللهم اغفر له وارحمه، وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسع مدخله، واغسله بالماء والثلج والبرد، ونقّه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه، وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر وعذاب النار)، يقول عوف: حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت.
رواه مسلم] فقد كان صلى الله عليه وسلم يجهر أحياناً ليسمع من خلفه للتعليم، كما كان يجهر بأذكار ما بعد الصلاة في أول البعثة، كما في البخاري، فما كانوا يعرفون انقضاء الصلاة إلا بالتسبيح.
وهذا كان في أول البعثة كما قال ابن بطال في شرح البخاري.
وفي الرجل تقول: ارزقه زوجاً، أي: من الحور العين أفضل من الزوجة، وأما الزوجة فهي لآخر أزواجها في الدنيا، ولذلك أم الدرداء أبت أن تتزوج بعد أبي الدرداء، ولما تقدم لخطبتها كثير من الصحابة قالت: ما مثلكم يردون، ولكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (المرأة لآخر أزواجها في الدنيا)، فأريد أن أكون زوجة لـ أبي الدرداء في الجنة؛ وفاءً له، فلا يجوز أن تقول في الدعاء للمرأة: وارزقها زوجاً خيراً من زوجها، وإنما يجوز أن تقول ذلك للرجل.
وفي الدعاء السابق: (اغفر لحينا وميتنا، وشاهدنا).
وهذا للداعي وللميت.
قال المصنف رحمه الله: [ثم يكبر ويسلم تسليمة واحدة عن يمينه].
ومذهب الحنابلة أنه يسلم تسليمة واحدة.
والمختار: أن التسليمة أو التسليمتين جائزتان؛ وهذا خلاف سائغ كالرفع وعدم الرفع.
قال المصنف رحمه الله: [ويرفع يديه مع كل تكبيرة؛ لأن عمر رضي الله عنه كان يرفع يديه في تكبيرة الجنازة والعيد؛ ولأنها تكبيرة لا يتصل طرفها بسجود ولا قعود فسن لها الرفع كتكبيرة الإحرام.
] ورفع اليدين في التكبير فعله عمر وابنه على مرأى كثير من الصحابة، ولم يعلم لهما مخالف، وإن علم لهما مخالف فهو تعدد فعل واختلاف تعدد، وليس اختلاف تضاد وتعارض، فهذا ثبت وهذا ثبت، فهذا من الخلاف السائغ الذي لا يجوز أن نتطاحن فيه وأن نتقاتل عليه.
قال المصنف رحمه الله: [والواجب من ذلك التكبيرات والقراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وأدنى دعاء للميت والسلام].