الحالة الثانية: رفع اليدين عند الركوع، وعند الركوع ينبغي أن ننتبه إلى ظهر الراكع أن يكون مستوياً، وإلى موضع اليدين على الركبتين، حيث تكون مفتوحتين كأنه يمسك بهما، ورفع اليدين عند الركوع ثابت من حديث ابن عمر أنه كان يرفع يديه قبل الركوع، فيرفع ثم يكبر ويركع عند الانتقال، وفي الركوع لابد أن يكون الظهر مستوياً، ولا يرفع الرأس ولا يخفضه، واليد تكون على الركبة مفتوحة الأصابع، مقبوضة على الركبة والظهر مستوياً، بحيث إذا سقط عليهما استقر، ولا صلاة لمن لم يركع بهذه الطريقة، ولابد أن تطمئن راكعاً، ولو اطمأن راكعاً وخفض الرأس فصلاته صحيحة لكنه خالف.
ثم يقول وهو راكع: سبحان ربي العظيم، (صلوا كما رأيتموني أصلي) لا يسبح في عجالة بل يخشع ويطمئن، وبعض الأئمة لا يطمئن راكعاً، وإن سبح واحدة باطمئنان أجزأه، ثم يقول إن شاء: سبوح قدوس رب الملائكة والروح؛ لحديث: (فأما الركوع فعظموا فيه الرب)، ومن التعظيم أن تقول: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي)، والحديث في البخاري عن عائشة قالت: (كان يتأول القرآن).
ثم يعتدل قائلاً: سمع الله لمن حمده.
ويرفع يديه مرة أخرى، وهذا هو الموضع الثالث للرفع.
ويقول الإمام: سمع الله لمن حمده، فيقول المأموم والإمام: ربنا ولك الحمد، كما عند البخاري (ربنا) ثناء، (ولك الحمد) ثناء آخر، أما رواية (ربنا لك الحمد) فهو ثناء واحد، هذا قول ابن حجر وقول: (ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد، وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) هكذا كان يقول النبي عليه الصلاة والسلام، (ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه) لما قالها أحد الصحابة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأيت اثني عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يكتبها أولاً)، وإذا عددت هذه الكلمات ستجد أنها اثني عشر.
أما وضع اليمنى على اليسرى بعد الركوع ففيه خلاف، والراجح عدم الوضع، لما ثبت أن الصحابة كانوا ينقلون أحوال الصلاة حتى إذا عطس، قالوا: عطس في وضع الركبة، قالوا: وكان يضع الأصابع على الركبة مفرجة، ولم ينقلوا لنا أنه كان يضع اليمنى على اليسرى بعد الاعتدال، فأدق حركات الصلاة نقلوها، ولم ينقل عن واحد منهم أنه بعد الاعتدال من الركوع كان يضع اليمنى على اليسرى، وإن استدل البعض بقوله: (حتى يعود كل عضو إلى مكانه)، قلت: أن يعود كل عضو إلى مكانه قبل أن يدخل في الصلاة.
المهم أن المسألة خلافية، لكن لا يجوز القياس في الصلاة؛ لأن الصلاة نقلت نقلاً دقيقاً من الصحابة، أيعجز أحدهم أن ينقل لنا أنه كان يضع اليمنى على اليسرى بعد الاعتدال من الركوع، ويتركها للاستنباط والاستنتاج؟ أياً كان فالموضوع خلافي، والراجح فيه ما ذكرت.
هذا وشيخنا الألباني رحمه الله يرى أن الإرسال هو الأصل، وشيخنا ابن باز يرى أن وضع اليمنى على اليسرى هو الأصل، وكلاهما مجتهد، ولكن الراجح عندي ما نقلت لكم.
فإذا اعتدل من الركوع يقف مطمئناً، ويقول: (ربنا ولك الحمد، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه) ولا يجوز أن يعتدل ثم يسجد مباشرة بل لابد أن يعتدل قائماً ويطمئن، ويعود الظهر إلى وضعه الأصلي، ورأي المالكية عدم رفع اليدين بعد الاعتدال؛ لأنهم يقدمون عمل أهل المدينة على خبر الواحد، والبعض يقول: ربنا ولك الحمد والشكر، ولفظة (الشكر) لم تثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاتباع أولى من الابتداع.