أما السجود فهل ينزل على ركبتيه أم ينزل على يديه؟ لشيخنا أبي إسحاق كتاب يسمى: نهي الصحبة عن النزول على الركبة، وابن القيم في زاد المعاد يدافع عن وجوب النزول على الركبة، والشيخ ابن باز في صفة الصلاة يقول أيضاً بالنزول على الركبة، لكن الراجح أن ينزل على يديه؛ لأن الحديث حجة: (وليضع يديه قبل ركبتيه).
وكذلك حديث سراقة بن مالك في البخاري: أنه أدرك النبي صلى الله عليه وسلم فغاصت قدم البعير حتى ركبتيه، ومناط الخلاف: (لا تسجد كما يسجد البعير)، فكيف يسجد البعير، هل يضع ركبتيه أم يديه؟ ركبتا البعير في يديه، وطالما قال: (وليضع يديه قبل ركبتيه حجة) فهو على من قال بغير ذلك.
الشيخ ابن عثيمين يرى أنه يسجد على الركبتين، ويرى أن الحديث فيه قلب، وأن الراوي قال: (وليضع يديه قبل ركبتيه)، وكان ينبغي أن يقول: وليضع ركبتيه قبل يديه؛ لأن فيه قلباً على الراوي.
والراجح من أقوال العلماء: أن يسجد على اليدين قبل الركبتين، والمشكلة الآن هي في وضع السجود؛ لأن السجود ينبغي أن يكون على سبعة أعظم، (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم، وأن لا أكف ثوباً ولا شعراً)، رواه البخاري، ولذلك نحن أمرنا بعد غسل الميت أن نطيب مواضع السجود بالكافور.
ومواضع السجود السبعة هي: الجبهة مع الأنف -هذا عضو- ثم اليدان متجهتان إلى القبلة، ثم الركبتان وأطراف أصابع القدمين، والبعض يعلق أطراف أصابعه في الهواء، وهذا خطأ، لابد أن يسجد على أطراف أصابع القدمين، وقد بوب البخاري: باب السجود على أطراف أصابع القدمين.
وأصابع القدمين تكون منصوبتين على الأرض، ويجافي بين عضديه، فلا يلصق عضديه بمنكبيه، وإنما يبسط ظهره، وبهذا يكون قد جافى بين عضديه، ويسجد على سبعة أعظم، فإذا سجد بهذه الطريقة وقع السجود صحيحاً، ولا ينبغي أن يلصق الكوع بالإبط، فإن هذا منهي عنه، وإنما يفرج بحيث إذا مر شيء من تحت إبطه يمر.
وإذا كنت بجوار أخ لك فهذا يضيق عليك الأمر، فاسجد على قدر استطاعتك، طالما أنت في جماعة، وكذلك للمنفرد.
والمرأة والرجل سواء في الصلاة ليس هناك فرق بينهما، ومن فرق فلا دليل معه، كلاهما يسجد بهذه الطريقة على سبعة أعظم.
ويقول وهو ساجد: سبحان ربي الأعلى، ويكثر من الدعاء في سجوده.
وهل يجلس بين السجدتين متوركاً أم مفترشاً؟ خلاف بين العلماء، وصاحب العدة سماه (افتراشاً) وبعض العلماء سماه (توركاً) ولا مشاحاة في الاصطلاح بعد فهم المعنى.
يعني: إن اتفقنا على معنى كلمة لن نختلف، إنما الصواب أن يسمى توركاً خلافاً للعدة؛ لأنه ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى، وهذا يسمى توركاً بين السجدتين.
ويقول بين السجدتين: رب اغفر لي.
ثلاث مرات، وهي واجبة عند الحنابلة، ومن تركها تجبر بسجود سهو.
يقول: (رب اغفر لي -ثلاثاً- وارحمني وارزقني واهدني واكسني).
إلى غير ذلك من الدعاء الوارد بين السجدتين.
ويعتدل ثم يسجد ويكبر تكبيرات الانتقال، وهي واجبة عند الحنابلة، إن تركها تجبر بسجود سهو؛ لأن الصلاة لها أركان وواجبات ومستحبات سنبينها إن شاء الله تعالى.
والناسي لا شيء عليه، إن تركها نسياناً يجبر بسجود سهو عند الحنابلة، وإن تعمد تركها تبطل الصلاة عند الحنابلة.