وكيف أحكم على أنه أحيا الأرض؟ قال: [عمارتها بما تتهيأ لما يراد منها، والمرجع في ذلك إلى العرف، فما تعارفه الناس أنه إحياء فهو إحياء؛ لأن الشرع ورد به ولم يثبته فيرجع فيه إلى العرف كما رجعنا إلى ذلك في القبض والإحراز، فإذا ثبت هذا فإن الأرض تحيا داراً للسكنى، أو حظيرة، أو مزرعة، فأما الدار فأن يبني حيطانها وسقفها، وإن أرادها حظيرة فإحياؤها بحائط جرت به عادة مثلها، وإن أرادها للزراعة فأن يحوط عليها بتراب أو غيره مما تتميز به عن غيرها، ويسوق إليها ماء من نهر أو بئر، يعمل فيها ما تتهيأ به للزراعة من قلع أحجارها وأشجارها، وتمهيدها].
والمعنى: كيف أحكم أن هذا الرجل أحيا هذه الأرض؟ بإحيائها بالعرف.
إن أجرى لها المياه، وحفر البئر، وأقام القنوات، وخطط الأرض، فبهذا يكون قد أحياها؛ لأن إحياء الأرض للزراعة هو بتدبير مصدر المياه لها أولاً، ثم العناية بها، وأما إحياء البيت فبإقامة الحيطان والسقف، وإحياء الحظيرة بإقامة الحيطان كعادة مثلها.