قال [وإن حفر بئراً فوصل إلى الماء ملك حريمه].
قلنا: إحياء الأرض الموات يكون بزراعتها وبوصول الماء إليها، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أحيا أرضاً ميتة فهي له)، وهذا الحديث فيه خلاف بين العلماء: هل هو إخبار بتشريع أم إخبار بتنظيم، وقلنا: لولي الأمر أن ينظم إحياء الأرض الموات، وهذا هو الراجح طالما أن ذلك من المصالح المرسلة.
ثم بين كيفية الإحياء فقال: [وإن حفر بئراً فوصل إلى الماء ملك حريمه].
إن كل شيء له حرم؛ ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه)، فمحارم البئر يعني: ما يحيط به من مساحة يملكها من حفر البئر.
قال: [وهو خمسون ذراعاً من كل جانب إن كانت عادية].
عادية: نسبة إلى قوم عاد، يعني: إن لم تحفر قبل ذلك يملك خمسين ذراعاً.
قال: [وحريم البئر البديء خمسة وعشرون ذراعاً].
يعني: البئر الذي حفر قبل ذلك وأعاد هو حفره مرة أخرى.
يقول الشيخ ابن عثيمين: خمسون ذراعاً باعتبار أنه لم يحفر قبل ذلك، وخمسة وعشرون ذراعاً باعتبار أنه أعاد الحفر.
قال: [لما روى الدارقطني بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (حريم البئر البديء خمسة وعشرون ذراعاً، وحريم العادي خمسون ذراعاً)].
والمعنى: أنه إذا حفر بئراً لإحياء الأرض الميتة ووصل إلى الماء فإن البئر وما يحيط به من حريمه ملك له، والمسافة التي يملكها خمسون ذراعاً إن كان هو البادئ لحفر البئر، وخمسة وعشرون ذراعاً إن أعاد حفرها مرة أخرى.