قال المصنف رحمه الله تعالى: [وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر ملك الروم واسمه هرقل، فسأل عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنده صحة نبوته فهم بالإسلام، فلم توافقه الروم، وخافهم على ملكه فأمسك.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس، فمزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (مزق الله ملك) فمزق الله ملكه وملك قومه.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم حاطب بن أبي بلتعة اللخمي إلى المقوقس ملك الإسكندرية ومصر، فقال خيرًا وقارب الأمر ولم يسلم، فأهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مارية القبطية وأختها سيرين، فوهبها لـ حسان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بن حسان.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى ملكي عمان جيفر وعبد ابني الجلندي، وهما من الأزد، والملك جيفر فأسلما وصدقا، وخليا بين عمرو وبين الصدقة والحكم فيما بينهم، فلم يزل عندهم حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سليط بن عمرو العامري إلى اليمامة إلى هوذة بن علي الحنفي فأكرمه وأنزله، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم: ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله، وأنا خطيب قومي وشاعرهم فاجعل لي بعض الأمر، فأبى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم، ومات زمن الفتح.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم شجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك البلقاء من أرض الشام، قال شجاع: فانتهيت إليه وهو بغوطة دمشق، فقرأ كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم رمى به، وقال: إني سائر إليه وعزم على ذلك، فمنعه قيصر.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث الحميري أحد مقاولة اليمن.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي ملك البحرين، وكتب إليه كتابًا يدعوه إلى الإسلام، فأسلم وصدق.
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل الأنصاري رضي الله عنهما إلى جملة اليمن داعيين إلى الإسلام، فأسلم عامة أهل اليمن وملوكهم طوعاً من غير قتال].
ذكر المصنف رحمه الله جملة ممن بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى ملوك وأمراء ذلك العصر، وهذا فيه دلائل من أهمها ما قدمناه مما بذله صلى الله عليه وسلم لتبيين الدعوة إلى الله.
وفيه فضيلة أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام، وأنهم حملوا تلك الكتب والرسائل وأوصلوها إلى أولئك الملوك غير مبالين من أن يقتلوا، قاطعين الفيافي والصحراء والجبال ليشاركوا في تبليغ دعوة الرب تبارك وتعالى.