ألم تك أسباب الرّدى طوع كفّه ... تبين لصرفي ما يريش وما يبري
إذا صاح داعي الرّوع سار أمامه ... لواءان معقودان بالفتح والنّصر
يقسّم آجال العدى عزم بأسه ... بهنديّة بيضٍ وخطّيّةٍ سمر
وما ذبّ إلاّ عن حمى الدّين سيفه ... ولا قاد خيل الله إلاّ إلى ثغر
وقد كان يقري الحتف أعداء سلمه ... فأضحى قرى ما كان أعداءه يقري
تولّى أبو عمروٍ فقلنا لنا عمروٌ ... كفانا طلوع البدر غيبوبة البدر
وكان أبو عمروٍ معاداً حياته ... بعمروٍ، فلمّا مات مات أبو عمروٍ
وكنّا عليه نحذر الدّهر وحده ... فلم يبق ما يخشى عليه من الدّهر
وهوّن وجدي أنّ من عاش بعده ... يلاقي الّذي لاقى وإن مدّ في العمر
وهوّن وجدي أنّني لا أرى أمرءاً ... من النّاس إلاّ وهو مغضٍ على وتر
رمتنا اللّيالي فيك يا عمرو بعد ما ... حمدنا بك الدّنيا، بقاصمة الظّهر
سأجزيك شكري ما حييت فإن أمت ... أبقّ ثناءً فيك يبقى إلى الحشر
وأوثر حزني فيك دون تجلّدي ... وإسبال دمعٍ لا بكيءٍ ولا نزر
قال أبو العباس: وكان مروان بن أبي الجنوب بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة مداحاً للخلفاء من لدن المهدي إلى أن قام محمد ولي عهد، ولم يبلغ خلافته. وكان مطبوعاً خطيباً في شعره، صحيح المعاني، قليل الإغماض صلب الكلام، وأعطاه المهدي فأكثر. وفي ذلك يقول: البسيط
صدّقت يا خير مأمولٍ ومنتجعٍ ... ظنّي بأضعاف ما قد كنت أحتسب
أعطيت تسعين ألفاً غير متبعها ... منّاً ولست بمنّانٍ لما تهب