فمن ذلك قوله: الكامل
أضحت بخدّي للدّموع رسوم ... أسفاً عليك وفي الفؤاد كلوم
والصّبر يحمد في المصائب كلّها ... إلاّ عليك فإنّه مذموم
يا واحداً من ستّةٍ أسكنتهم ... حفراً تقسّم بينهم ورجوم
لولا معالم روسهنّ لما اهتدى ... لحميمه بين القبور حميم
وقال أيضاً: المنسرح
كلّ لساني عن وصف ما أجد ... وذقت ثكلاً ما ذاقه أحد
وأوطنت حرقةً حشاي فقد ... ذاب عليها الفؤاد والكبد
إن أزمعت بالعزاء لجّ بها الشّ ... وق فنيران حرّها تقد
ما عالج الحزن والحرارة في ال ... أحشاء من لم يمت له ولد
فجعت بابنين ليس بينهما ... إلاّ ليالٍ ليست لها عدد
فالنّفس تطوى على أحرّ من ال ... جمر وأدنى أرجائها الكمد
وكلّ حزنٍ يبلى على قدم الدّ ... هر وحزني يجدّه الأبد
ويروى عن الحسن البصري أنه قال: قدم علينا بشر بن مروان وهو أشرف الناس، وأجمل الناس، وأشب الناس، ابن خليفة وأخو خليفة، فلبث خمسة وأربعين يوماً ثم طعن في نيطه فمات. فخرج به إلى قبره والناس معه. وجاء سودان ثلاثة يحملون أسود، فدفن هذا وهذا. وخرجت إلى الصحراء ثم رجعت وقد انصرف عنهما، فلم أعرف قبر هذا من قبر هذا.
قال أبو العباس: حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك المعروف بالزيات وحدثني بهذا الحديث الذي أذكره غيره أيضاً أن محمد بن عبد الملك كانت له جارية وكان بها ضنيناً، وكان له منها ابن يقال له عمر وهو باق الآن، فماتت وابنها هذا صغير.