وقال امرأة من كندة ترثي إخوتها: الطويل
أبوا أن يفرّوا والقنا في نحورهم ... فماتوا وأطراف القنا تقطر الدّما
ولو أنّهم فرّوا لكانوا أعزّةً ... ولكن رأوا صبراً على الموت أكرما
هوت أمّهم ماذا بهم يوم صرّعوا ... بجيشان من أسباب مجدٍ تصرّما
وقال رجل من الخوارج يرثي عدداً منهم: الوافر
ألا في الله لا في النّاس سالت ... بداوودٍ وإخوته الجذوع
مضوا قتلاً وتشريداً وصلباً ... تحوم عليهم طيرٌ وقوع
إذا ما اللّيل أظلم كابدوه ... فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا ... وأهل الأمن في الدّنيا هجوع
وقالت الكندية: البسيط
لا تخبروا النّاس إلاّ أنّ سيّدكم ... أسلمتموه ولو قاتلتم امتنعا
أعني فتىً لم تهبّ الرّيح رائحةً ... يوماً من الدّهر إلاّ ضرّ أو نفعا
الواهب الألف لا يبغي لها ثمناً ... إلاّ من الله والحمد الّذي صنعا
وقال أبو عبد الرحمن العتبي: البسيط
قد كنت أبكي على من فات من سلفي ... وأهل ودّي جميعٌ غير أشتات
والآن إذ فرّقت بيني وبينهم ... نوىً بكيت على أهل المودّات
وما بقاء امريءٍ كانت مدامعه ... مقسومةً بين أحياءٍ وأموات
وكان أبو عبد الرحمن وسيطاً في قريش، من ولد عتبة بن أبي سفيان. وكان معدناً من معادن العلم بالأخبار جاهليتها وإسلاميتها وكان بالإسلامي أخبر. وتوالى له بنون موتاً. ورثاهم مراثي كثيرة نذكر بعضها مع ما في غيرهم من المراثي إن شاء الله.