قال الأصمعي: مر رجل على بعض مقابر العرب فإذا هو بشيخ قاعد على شفير قبر، وبين يديه فتية كأنهم الرماح يدفنون رجلاً، والشيخ يقول: الرجز
أحثوا على الدّيسم من برد الثّرى ... قدماً أبى ربّك إلاّ ما ترى
قال: فسألت الشيخ: من الميت؟ فقال: ابني. فقلت: فمن هؤلاء؟ قال: بنوه.
وقال أبو جعفر الدمشقي: حدثنا أبو بكر السلمي عن المعافى بن عمران عن شهاب بن خراش عن عبد الرحمن بن عثمان قال: دخلنا على معاذ بن جبل وهو قاعد عند رأس ابن له يجود بنفسه، فما ملكنا أنفسنا أن ذرفت أعيننا وانتحب بعضنا فزجره معاذ وقال: مه، فوالله لعلم الله برضاي بهذا أحب إلي من كل غزوة غزوتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني سمعته يقول: من كان له ابن وكان عليه عزيزاً وبه ضنيناً، فصبر على مصيبته واحتسبه أبدل الله الميت داراً خيراً من داره، وقراراً خيراً من قراره، وأبد المصاب الصلاة والرحمة والمغفرة والرضوان. فما برحنا حتى قضى الغلام حين أخذ المنادي في النداء لصلاة الظهر، فرحنا نريد