قال أبو الحسن: لما حضرت أيوب بن سليمان بن عبد الملك الوفاة وكان ولي عهد أبيه دخل عليه وهو يجود بنفسه، ومعه عمر بن عبد العزيز وسعيد ابن عقبة ورجاء بن حيوة قال: فجعل ينظر في وجهه وهو يفوق بنفسه فخنقته العبرة فردها ثم نظر إلينا فقال: إنه، والله، ما يملك العبد أن يسبق إلى قلبه الوجد عند المصيبة والناس عند ذلك أخياف، فمنهم من يغلب صبره جزعه، فذلك الجلد الحازم المحتسب، ومنهم من يغلب جزعه صبره، فذلك المغلوب الضعيف العقدة، وليست منكم حشمة، وإني أجد في قلبي لوعةً إن لم أبردها بعبرة خشيت أن تنصدع كبدي كمداً وأسفاً. فقال له عمر بن عبد العزيز: يا أمير المؤمنين، الصبر أولى بك فلا تحبطن أجرك. قال سعيد بن عقبة: فنظر إلي وإلى رجاء بن حيوة نظر مستغيث يرجو أن نساعده على ما أراد من البكاء. فأما أنا فكرهت أن آمره أو أنهاه، وأما رجاء فقال: يا أمير المؤمنين، افعل، فإني لا أرى بأساً ما لم تأت الأمر المفرط. فقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هلك إبراهيم اشتد وجده عليه فدمعت عيناه فقال: تدمع العين ويوجع القلب ولا نقول ما يسخط الرب، وإنا بك لمحزونون يا إبراهيم. قال: وأرسل عينيه فبكى حتى ظننا أن نياط قلبه قد انصدع، فقال عمر: يا رجاء، هذا ما صنعت بأمير المؤمنين! فقال: دعه، يا أبا حفص، يقض من بكائه وطراً، فإنه لو لم يخرج من صدره ما ترى لخفت أن يأتي عليه، ثم رقأت عبرته فدعا بماء فغسل وجهه فأقبل علينا وقد قضى