وفي الجواب عنه طرق:
أحدها- أن من أصحابنا من يقول: لا يكون الكلام أمرًا ونهيًا إلا بعد توجهه على المخاطب، وإذا كان كذلك، فنحن نقول: نشترط في النسخ التراخي، فلابد من تقديم زمان الورود، فلا يكون أمرًا نهيًا في وقت واحد، بل في وقتين. وهذا القول ضعيف عندنا، والله تعالى آمر في الأزل عند المحققين.
وقد أكثر الأصوليون في الجواب على هذا السؤال بأجوبة تطول. حاصلها راجع إلى [تحايلهم] على إبداء تعدد الجهات، حتى لا يكون آمرًا على الوجه الذي كان ناهيًا.
والصحيح عندنا خلاف ما ذهبوا إليه. وقد تبين من مذهبنا جواز تكليف ما لا يطاق عقلًا، وإنما منعنا بعض أنواعه سمعًا. والذي منعناه من جهة السمع أصناف، حاصلها راجع إلى أمور لا يتصور المكلف بها قصد الطاعة، ونخرج عن المطالب المعروفة من جهة العادة.
فعلى هذا لو سمع المكلف الأمر والنهي معًا، لم يتصور منه فعل إقدام ولا إحجام، وإذا سمعها في وقتين، جرى الأمر على ما ألف من التكليف عند العقلاء. وقد كنا قدمنا في مسألة الأمر بالشرط ما يرشد إلى هذا الكلام، فإن