الأحكام بغير القديم، وإنما المراد بذلك صيرورة العبد مكلفًا بعد أن لم يكن مكلفًا، كصيرورته مراد الوجود بعد أن كان مراد العدم.
فهذه العبارات واردة على المتعلِّقات لا على المتعلَّقات. وكذلك القول في البصر والسمع، فالصفات كلها تجري مجرى واحدًا. وقد ساعدت المعتزلة على صيرورة العبد مقدورًا بعد أن لم يكن مقدورًا، مع كونهم يقولون إن الله تعالى قادر لنفسه أزلًا.
وأما ما يتعلق بالمصلحة والمفسدة والإرادة والكراهية، فهذه أصول المعتزلة، وقد (211/ أ) أشرنا فيما تقدم إلى إبطال جميعها.
وأما قولهم: إن ذلك يفضي إلى البداء، فغلطٌ، والإمام يتكلم عليه فيما يعد. ويبقى للقوم سؤال واحد، وهو جدير أن يجعل سؤالًا شائعًا، وهو أنهم قالوا: هذا يفضي إلى أن يكون الشيء الواحد على الوجه الواحد مأمورًا به منهيًا عنه، فإن الله تعالى عندكم آمر في الأزل، وكذلك هو ناهٍ في الأزل، فيكون قائلًا في الأزل: صوم عاشوراء مثلًا واجب، صوم عاشوراء غير واجب. وهذا كلام متناقض، وجمعٌ بين الضدين. وهذا السؤال أصعب مما وجه الإمام،