تلك الأخبار تدل على مزية العلم، وتمام الفهم والمعرفة بأحكام الشرع. وهذا عندنا يثبت للصحابة على العموم، بالإضافة إلى من بعدهم من الناس.
والصواب أنه متى لم يظهر للمجتهد دليل الترجيح في أحد الدليلين، وصادف قول صاحبٍ على وفق أحدهما أن يرجِّح به. نعم، تلك الشهادات يظهر أثرها إذا اختلف الصحابة فيما بينهم، واستوت عند المجتهد مآخذهم، فقد ترجَّح بعض المآخذ على بعض بهذه الشهادة، وإذا رُجِّح بالشهادة، فقد قدمنا قبل هذا أنه إذا تحققت المعارضة، كان الخاص مقدمًا على العام. وهذا (207/ ب) من هذا القبيل.
وما ذكره الشافعي من الترجيح يرجع إلى هذا [التقدير] من طلب خصوص الشهادة وعمومها. فإن الشهادة لعلي أعم من الشهادة لزيد، إذ الحلال والحرام يكون في المواريث وغيرها، والشهادة لزيد في الفرائض أخص الشهادات، فإذا عارض قول علي قول معاذ في الحلال والحرام، قدِّم قول معاذ، وإذا عارض قول معاذ في الفرائض قول زيد، قدم قول زيد فيها. وإذا عارض قول معاذ قول علي في القضاء في غير الفرائض، قدم قول علي. وإذا عارض قول معاذ في الحلال والحرام قول زيد في غير الفرائض، قدم قول معاذ. فعلى هذا [التقدير] تجري هذه المراتب. والله تعالى الموفق بعونه وحسن توفيقه وتأييده.
ثم قال: (فإن قيل: فإذا اعتضد مذهب أبي بكر وعمر) إلى قوله (كقول