القياسين ويستند العمل إلى مذهب الصحابي، أو يكون القياس الذي عضده قول الصحابي مقدمًا؟
وإن قلنا: إنه لا يكون حجة، وقد اختلفوا في كونه مرجحًا، ذهب القاضي رحمه الله إلى أنه لا يقع به ترجيح، وقوله كقول غيره. قال: ولا يقوى دليل بمصير مجتهد إليه. وقول القاضي أصح الأقوال في نظر الأصول. وفرَّق الشافعي بين أن يكون الصحابي ممن (207/ أ) شهد له الشرع بمزية الدرك في ذلك الفن أم لا. فإن لم يشهد له الشرع، كان قوله كقول غيره من العلماء، وإن شهد له، فمذهبه يرجح القياس الذي عضده.
والصواب عندنا أيضًا أن هذا لا يعول عليه إذا فرع القول على أن كل مجتهد مصيب. وبيانه: لو ثبت تفاوت بين الدليلين عند الناظر، وكان الصحابي قد أخذ بدليل ضعيف، لم يصح للمجتهد الذي ثبت عنده ضعف مأخذه أن يصير إليه، بناء على أن الشارع شهد له بمزية العلم في ذلك الفن.