أيضًا في قياسين متعارضين، على وفق خبرين متناقضين، ثم جعل التمسك بأحد القياسين، وجعل الخبر الذي بعُد عن ظن النسخ مرجحًا، [فهلا] عكس الأمر، وجعل التمسك بالخبر الذي بعد عن ظن النسخ ورجحه بالقياس؟ وهذا كان أولى من أن يستعمل القياس مرجحًا.
وأصل هذا كله، هل المرجوح في معنى المعدوم، أو [نثبت] له أثرًا؟ فلا يكون الراجح ممتازًا عنه إلا بمزية ترجيحه، والمزايا الترجيحية يعتمد عليها عند الاضطرار، وفقدان دليل مستقل. وهذا هو الذي بنى عليه الإمام الكلام، وهو لعمري ظاهر، ولا يصح أن يكون الخبر المرجوح كالعدم بالكلية، ولذلك لا يبقى الإنسان على ظنه في الراجح، بمثابة ما لو كان الراجح منفردًا، ومن ظن ذلك، [فإنه] يغالط نفسه.
وهذا القول هو المشهور عندنا. قال مالك رحمه الله: إذا تعارضت بينتان، وكانت إحداهما أعدل، قضى بالحق لصاحب البينة التي قضي بكونها