فإذا ورد نبي مثلًا، وأوجب خمس صلوات، بقي ما [وراء] ذلك على أصل النفي، من غير حاجة إلى تصريح النبي بنفيها، بل علم أنها كانت منتفية، وأن الإيجاب مقتصر على ما سواها، فبقيت [منتفية] على ما كانت عليه. وهذا يخرج الاستصحاب عن أن يكون دليلًا شرعيًّا، فكأن الشرع بالإضافة إلى ما زاد على الخمس لم يرد.

وكذلك إذا أوجب صوم رمضان، بقي صوم شوال على ما كان عليه. وإذا أوجب عبادة في وقت، بقيت الذمة بعد خروج الوقت على البراءة الأصلية. وإذا أوجب على قادر، بقي العاجز على ما كان. فإذًا النظر في الحكام، إما أن يكون في إثباتها، أو في نفيها.

أما في إثباتها، فالعقل قاصر عندنا عن الدلالة على الإثبات. وإن كان في نفيها، ففيه خلاف. فمن [أحال] تكليف المحال، جعل العقل (162/ أ) مستقلًا بالنفي، ومن أجازه، لم يحكم بإثبات ولا نفي، إلا مستندًا للشرع. وهذا هو الصحيح عندنا، ولكن بعد أن وردت الأنبياء عليهم السلام، وأخبروا الخلق أن الله [تعالى] لا يحكم على العباد إلا إذا نصب لهم دليلًا، فإذا فقدوا الأدلة، قطعوا بنفيها علم انتفاء الأحكام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015