بعيد، وهذا ليس استصحابًا). قال الشيخ: معنى قوله: قد قال باستصحاب الحال قائلون، يريد بذلك أن بعض الناس قال به، بناء على أنه دليل، وقال به آخرون، بناء على أنه ترجيح، وآخرون يقولون إنه ليس دليلًا (125/ ب) على إثبات حكم، ولا يصلح لترجيح دليل. ولا بد من تفسير لفظ الاستصحاب أولًا، وهو يطلق على أربعة أمور: يصح منها ثلاثة، ويبطل الرابع:
الأول: منها- وهو المشهور-: دلالة العقل على انتفاء الحكام السمعية قبل ورود الأنبياء عليهم السلام، فلا تكليف على العقلاء قبل ورود الشرع، وهذا يدرك عقلًا عند قوم، وعُلم سمعًا عند آخرين. وقد قال الله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولًا}. والأمة مجمعة على أنه لا تكليف قبل ورود الأنبياء، وبعد الورود، لا تكليف إلا بعد نصب دليل. وإذا تقرر ذلك، فكل حكم لم ينصب الله للمكلفين دليلًا عليه، فهو غير ثابت عليهم، فنحن على ذلك حتى يرد التغيير على ألسنة الأنبياء.