الحدود زواجر عن ذلك، وهذا مناسب لتصرف العقلاء، [جارٍ] على أبواب المصالح والعقول. وإن اقتضت على الجملة الفرق بين التافه والنفيس، كما [ذكرنا]، فليس في العقل ما ينص على مقدار النفيس، إذ الخسة والنفاسة لا يتصف بهما مبلغ لعينه، فافتقر إلى الشريعة في تعيين النفيس من الخسيس. [لكن لا ينكر] بوجهٍ أن الحبة وما يقاربها، خسيس عند أهل العرف، والقناطير من الأموال عظيمة عند الجميع، وما بينهما أوساط لا تقبل الضبط، فحجر الشرع الخلق عن مظان الاشتباه، وجعل نصابًا مقدرًا، وهو ربع دينار أو دينار. فإذا أثبت الشرع ذلك، تبين العقلاء أن هذا القدر استأثر الله تعالى بعلم نفاسته، بالإضافة إلى مصلحة الخلق في شرعية [القطع].
وكذلك القول في [نصب] الزكاة، فإن العقول تشير إلى مصلحة إرفاق