وقد ذهب الأصوليون إلى فساد هذا القياس، ورأوا أنه ليس على شكل الأقيسة، إذ حكم الأصل وجوب التقديم، وحكم الفرع وجوب التأخير، وهذا ظاهر التناقض. [ولكن] طريق التقريب في ذلك أن يقال: [أحد] العوضين (83/ أ) [يوجب] أن يشرع على وجه يتوقف عليه مصلحة العقد، قياسًا على العوض الآخر.

وتقريره [هو]: أن السلم شرع لدفع الحاجة عن المسلم إليه، فإنه بيع محاويج، وإنما تتم المصلحة فيه، بأن يتعجل قبل العوض، إذ به يحصل مقصوده من الثمن، ويتأخر قبض المسلم فيه. فإنه لو كان حاضرًا عنده، كان موسرًا به، فلم تدعه ضرورة إلى المعاملة على ذمته.

وفيه أيضًا وجه آخر، وهو أن مقصود العقد لا يحصل إلا بالاسترخاص، إذ المسلم لو كان الذي يسلم [فيه] بسعره، كسعر المقبوض، لم يقدم عليه. وإنما يقدم عليه عند رجاء الاسترخاص، وذلك يستدعي ضرب أمدٍ تتغير في مثله الأسواق. هذا هو الأمر الذي اعتمد عليه مالك رحمه الله. ولذلك قال: إن الأجل: نحو الخمسة عشر يومًا في البلد الواحد، وأما إذا أسلم إليه في بلد [على] أن يقبض المسلم إليه في [غير بلده]، فلا يفتقر مع ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015