تحركه على تعاطي أمور يتوقع من حصولها حصول غرضه.
فإذا تقرر ما ذكرنا، [فالظاهر من مذهب أبي حنيفة أنه منع من إجراء القياس في الحدود والكفارات، بناء على ما ذكرناه] من امتناع إجراء القياس في الأسباب.
وما اعتذروا به من أن ذلك يرجع إلى تنقيح مناط الحكم دون تخريجه، فقد قال بعض الأصحاب: إن الإنصاف يقتضي مساعدتهم على ذلك. وزعم أن الجاري في تعليل الأسباب، تنقيح المناط دون تخريجه. وهذا هو الذي اختاره أبو حامد، وقال: لا وجه غيره، قال: هذا هو الحق. وذلك أنه تقرير عنده أن القياس الذي لا يرجع إلى تأويل اللفظ، هو إثبات حكمٍ في الفرع، لا يتعرض له اللفظ بحال، لا على ظهور، ولا على تأويل.
قال: ونحن إذا عللنا الزنا [بالإيلاج]، بان أن الزنا ليس مناطًا، بل المناط أمر أعم من [الزنا]، فكيف [يعلل] الزنا بعلة تخريجه عن كونه علة؟ بل سنبين آخرًا أن الزنا ليس مناطًا، فتعليل الأسباب يخرجها عن [كونها] (79/ أ) أصولًا. فأما إذا ألحقنا الجنون بالصبا، بان لنا أن الصبا لم يكن مناطًا، بل أمر أعم منه.
[وكذلك إذا عللنا الغضب بأنه مدهش للعقل، بان لنا أن نغضب لم يكن مناطًا، بل أمر أعم منه]، وهو الدهش المانع من الفكر واستيفاء النظر، وعند