مستدلا عليه، إذ لا يصح أن يستدل إلا بعد كمال العقل. فكيف يدرك العقل بالنظر من لا عقل له، ولا ينظر إلا عاقل؟ وأما ما ليس عقلا من العلوم الضرورية، فلا بعد في أن يقع نظريا.
ومن جوز الاقتدار على الجمع، [تمسك] بتماثل العلوم، وعموم قدرة القديم. وإذا صح خلق القدرة على علم بعد سبق النظر، صح ذلك في [مثله].
وأما الذين منعوا ذلك، وهو الصحيح عندنا، فالمعتمد أن [يقال]: لو كانت العلوم الضرورية تقبل الاستدلال، لم يخل الدليل من أن يكون نفيا أو إثباتا، والنفي لا اختصاص له بمعلوم دون معلوم، والثابت: إما قديم أو حادث، والحادث: إما جوهر أو عرض. وهذه الأمور معقولة، ولا دلالة عليها عقلا على العلوم الضرورية. فكيف يتصور أن تغير أدلته؟ أم كيف يتصور عقلية غيرها؟ ولذلك قضى الأئمة بأنه لا يصح في المقدور دليل على صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلا المعجزات على الخصوص، فإن الدليل إما أن يكون معتادا، فلا اختصاص له، أو غير معتاد، فهو الخارق بعينه.
قال الإمام: (والنظريات في رأي معظم الأصحاب مقدورة بالقدرة الحادثة).