يحصل العلم، لأن النظر إذا تم، فهو المفضي بالناظر إلى الإطلاع على الوجه الذي منه يدل الدليل، فكيف يتصور أن يكون محيطا بالوجه الذي منه يدل الدليل، مع ذكره له، ولا يحصل العلم بالمدلول؟

وإذا بينا على وجوب الحصول بمقتضى العقول- عند الإحاطة وعدم الذهول- من أين يلزم إذا انقضى النظر أن يستحيل خلق العلم (26/ب) المقدور؟ والعلم الضروري مماثل للكسبي، باعتبار أنفسهما. وإنما يفترقان في خلق القدرة مقترنة بأحدهما دون الآخر. وإذا جاز أن يخلق الله القدرة والعلم جميعا، جاز أن يخلق العلم دون القدرة.

وقال القاضي أبو بكر: لو جاز ذلك، لبطل النظر، وسقطت احجج، وتمكن المتحكمون بإسقاط الأدلة. وهذا الذي قاله تؤمن منه العادة، فلا نرى ما قاله مستقيما على ما بيناه. فيكو تقسيم المدارك إلى الضروريات والنظريات عقليا عند القاضي، واعتياديا عندنا.

قال الإمام: (فأما الضروريات: فإنها تقع بقدرة الله تعالى غير مقدورة للعباد). قال الشيخ أيده الله: هذا الذي قاله متفق عليه باعتبار العادات، لكن اختلف العلماء، هل يجوز في العقل خلاف ذلك؟ فذهب ذاهبون إلى تجويزه، وأن تقع الضروريات نظريات على العموم. ومنع آخرون ذلك، وقالوا: لا يتصور في العقل أن تقع نظرية مكتسبة.

وقال القاضي أبو بكر: أما العلم الذي هو عقل، فلا يتصور أن يقع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015