قال الشيخ - رضي الله عنه -: الذي ذهب إليه أكثر المتكلمين هو الذي ذكره الإمام. وقد قال بعض الناس: إنها غير مقدورة، وهو الذي اختاره الإمام ههنا. والأستاذ أبو إسحاق يبدي توقفا في المسألة، ولم يحك هذا القول إلا [لقربه] من الصواب.
والذي اعتمده المتكلمون في كون العلوم النظرية مقدورة بالقدرة الحادثة: هو الدليل الدال على انقسام الحركات إلى الضرورية والاختيارية. وقد سبق في هذا الكتاب تقرير ذلك، فهو بعينه (27/أ) جار ههنا.
وهل سبق النظر في العلم المكتسب شرط من جهة العقل، أو من جهة العادة؟ [فذهب] القاضي إلى أنه شرط عقلي. وذهب الأستاذ أبو إسحاق إلى أنه شرط من جهة العادة. وهذا هو الصحيح عندي. والدليل عليه أن العلم لا يجامع النظر، وإنما يخلق في حال نفيه، وهو من قبيل الممكنات. والقدرة الصالحة لا قصور فيها، فإذا صح خلقه والإقدار عليه من غير نظر، [نظرنا] إلى تماثل العلمين، وصلاحية القدرة، وكون قدرة العبد مقارنة غير مؤثرة.