يحصل العلم عند تصرم النظر، فزمان عدم النظر هو زمان حصول النظر، وإنما ينحتم حصول أحد الضدين بعينه، إذا كانت القسمة محصورة في الضدين، كالحركة والسكون. فإنه إذا عدمت الحركة، ففي ذلك الزمان يخلق السكون. فإنه لو لم يكن كذلك، لخلا المحل عن الضدين، وذلك محال. وليس النظر مع العلم كذلك. إذ للنظر أضداد كثيرة، فهو بمثابة اللون، فلا يلزم إذا عدم البياض أن يخلفه السواد. وكذلك إذا عدم النظر، لم يلزم أن يخلفه العلم. وقد وقع الاتفاق على جواز خلق الضد العام من الغفلة والغشية والبهيمة.
ولا يقال: النظر بوجوب العلم إيجاب العلة معلولها، لما قررنا من التضاد الحاصل بين النظر والعلم. والعلة عند مثبتيها توجب معلولها لنفسها، ولا يتصور انفصال بينهما. وإنما اطردت العادة بأن النظر إذا تم على سداده، ولم تعقبه آفة، فالعلم يحصل.
وقال المحققون: لا يتصور عند تمام النظر، وانتفاء الآفات، أن لا