وإنما فرضناه في مثل هذه (46/ أ) الصورة، حتى يتحقق اتحاد المحل المحكوم فيه. وليس هذا بمثابة حل الميتة لزيد، وتحريم أكلها على عمرو. وهذا لا تنقاص فيه، ولا ننكر اشتمال الشريعة عليه، وعلى [أمثلةٍ] كثيرةٍ له. ونحن نقول: لم يختلف المجتهدون في المسائل إلا على هذه الجهة التي ذكرناها، فلا يتصور مع هذا التقدير المصير إلى تصويب الجميع بحال. وعلى هذا جرت أقضية العلماء، حتى قال الشافعي: (أحد الحنفي إذا شرب النبيذ).
ثم إنه ينبني على المصير إلى تصويب كل واحد من المجتهدين أمور فضيعة:
منها: أنه إذا تقاوم عند المجتهد الدليلان، تخير بين الشيء ونقيضه، ويقلد [العامي] من شاء من المفتين. فإذا نكح مجتهد مجتهدة، وقال لها: أنت بائن، ولم يقصد بذلك الطلاق، وكان شافعيًا يعتقد بقاء العصمة، وكانت هذه حنفيةً تعتقد انقطاعها، وكل مصيب، فيفضي إلى أن يكون وطأها حلالًا له، حرامًا عليها، وهو فعل لا يتصور إلا من اثنين، فيقع التناقض فيه حلًّا وحرمة.
وأيضًا: فإنه لو صح تصويب المجتهدين، لجاز لكل واحد من المجتهدين، إذا اختلفا في جهة القبلة، أن يقتدي كل واحد منهما بصاحبه، وإن صلى إلى غير جهته، إذ صلاة كل واحد صحيحة. وكذلك إذا اختلف اجتهادهما في طهارة الماء ونجاسته.