بها تدرك العلوم. وإذا كان كذلك، لم تكن النظريات طرقا، وإنما النظريات: العلوم التي يتوصل إليها بالنظر. وقول الأئمة صحيح بالنظر إلى العادات. وفي المقدور خرقها وإحداث علوم من غير تقدم نظر. أما وقوعها ضرورة، فمتفق عليه بين العقلاء.
وأما وقوعها كسبية من غير تقدم نظر، هل يجوز ذلك عقلا أم لا؟ فيه خلاف. ذهب القاضي إلى منع ذلك. وذهب الأستاذ إلى جوازه، وهو الصحيح عندنا.
وتمسك القاضي بأن قال: لو جاز أن يحصل العلم النظري من غير سبق نظر، لجاز أن يوجد النظر الصحيح، ولا يحصل العلم به. وهذا الذي ذكره وجعله أصلا، مختلف فيه أيضا. فذهب ذاهبون إلى أن ترتب العلم على النظر الصحيح معتاد، وفي المقدور أن يسبق النظر، ويتم على سداده، ولا يحصل العلم. وذهب الأكثرون إلى وجوب حصول العلم عند تمام النظر وانتفاء الآفات، وهذا هو الصحيح عندنا.
وتمسك الفريق الأول بأن قالوا: النظر يضاد العلم بالمنظور فيه، وإنما