والصحيح عندنا أنه لا يجوز القياس على فرع العلة بحال، سواء كان فرعًا للرسول، أو لأهل الإجماع، والدليل عليه هو الدليل على منع القياس على الفرع مطلقًا.
وطريق تقرير الدليل أن نقول: لما قاس على فرع العلة، [أيراعي] في الإلحاق جامع الأصل، أو لا يراعيه؟ فإن راعى جامع الأصل، فالقياس على الحقيقة إنما هو على الأصل، وتوسط الفرع الأول تطويل (55/ ب) طريقٍ من غير فائدة، [فليلحق] الفرع الثاني بالأصل الأول. وإن أضرب عن جامع الأصل، واستنبط جامعًا آخر، كان ذلك باطلًا، فإن الحكم في الفرع إنما يثبت مقيدًا بوجود الجامع، [وإن] لم يوجد الجامع الذي يقيد الحكم به، فالحكم في معنى المنفي على الحقيقة.
وبيان ذلك بالمثال: أنه إذا قال: الخمر حرام، وفهم أن العلة الإسكار، فتحقيق الكلام: الخمر المسكرة حرام. وإذا ألحقنا النبيذ بالخمر بجامع الإسكار، جعل الإسكار قيدًا للتحريم، فيكون تقدير التوقيف: النبيذ المسكر حرام. وإذا ألحقنا غير النبيذ به بغير الإسكار، كان ذلك حيدًا عن معنى القياس والاعتبار. فلا يجري الحكم على حقيقة التوقيف اللغوي، ولا التقدير الشرعي. فلا سبيل إلى الجمع بين الفرع الثاني والفرع الأول بغير جامع الأصل.
وإن وقع الجمع بينهما بجامع الأصل، فالمعتبر على الحقيقة هو الأصل.