إرهاق الضرورة إلى الاعتماد، بحيث تجب [التعدية] بدليل آخر، سوى الدليل على أصل القياس. وقال أبو حامد: [وليس] ذلك ببعيد عندي في أكثر الأشباه، وقرر ذلك بأن قال: إذا أمكن تعريف الحكم بالمحل، فأي حاجة إلى طلب علامة لا تناسب؟ . وهذا الكلام ضعيف، فإنا قد [قررنا] فيما تقدم، أن الحكم لا يخلو عن مصلحة، ومصلحته لا تعدو أوصاف محله. وإذا تبين أن أولى الأوصاف يتضمن المصلحة الخفية، هذا الوصف مثلًا، لزم اعتباره، ولم يفتقر إلى أمر آخر سوى هذا.
وفرق الإمام بين مراتب الأشباه، فقال: ما [استند] من الأشباه إلى الأمثلة، كضرب قليل العقل على العاقلة، أو إلى معان كلية، كتقدير أروش أطراف العبيد، وافتقار الوضوء إلى النية، فإنه يكتفي بذلك من غير ضرورة، بل يكفي في اعتماده شرعية القياس. و [أما] ما كان من الأشباه يتعلق بالمقصود، كتعليل تحريم التفاضل في الربا بالطعم، فهذا لا يعتمد عنده، إلا أن ترهق ضرورة إلى التعليل. ولم يأت لهذا التقسيم بدليل. والذي نختاره خلاف ذلك، وهو أنه لا فرق بين هذه المراتب في الاعتماد. ويتعلق النظر ههنا بأمر، وهو التنبيه على خواص الأقيسة، إذ انجر الكلام إلى ذلك.
اعلم أن الكلام في هذا المقام في طرفين، في الناظر والمجتهد. أما