ثبت الحكم مع زوال العلة، وإن كان بتوقيف أو غيره، أن يكون ذلك خارجًا عن أبواب التعليل، كما كان إثبات المشروط عند فقدان الشرط يخل بأبواب الشرط، ويفوت معقوله. نعم، نحن نقول: إذا ثبت الحكم مع فقدان العلة، إما بعلة أخرى، أو بتوقيف أو بإجماع، لم يقدح ذلك في العلة بحال، لأنا قد بينا أن ما وراء محل التعليل، انتفاء الحكم فيه، لا لحقيقة العلة، ولا لاقتضائها النفي، ولكن [لانتفاء] الحكم، لتعذر ثبوته بغير دليل، فإذا وجد دليل يقتضي الثبوت، لم يتعرض هذا الدليل للعلة على حال. أما في حال وجودها، فقد ثبت حكمها.

وأما في حال عدمها، فلا دلالة لها، حتى يقع في ذلك مناقضة توجب ضعفًا أو بطلانًا. نعم، الذين ذهبوا إلى أنها تبطل على كل حال، هم الذين طردوا أصل الإمام في قوله: إذا قال: إن جئتني أكرمتك، وإن لم تجئني أكرمتك. فهذا قد قال الإمام: إنه خارج عن باب الشرط. وكذلك يلزم هذا القائل أن يقول: إذا قال: إن (37/ ب) أسكر الشراب، فهو حرام بعلة الإسكار، وإن لم يسكر، فهو حرام. فهذا خلاف التعليل. والتقدير: هو حرام على كل حال، أسكر أو لم يسكر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015