هو السبب في الفهم دون الاقتصار على محض اللفظ. ولو صح تنزيل فعل الآباء والسادات على التحكمات [الجامدات]، لم يفهم من هذه الألفاظ التعميم. والله تعالى إذا حرم شيئًا، فإنما يرجع الأمر إلى إرادته ووضعه، فليقتصر على ما يفهم من الأدلة.
فإن قيل: إن لم يفهم تحريم النبيذ من الخمر، فينبغي أن لا يفهم تحريم الضرب من التأفيف، وفهمه منه ضرورة. قلنا: قد اختلف الأصوليون في ذلك، فذهب ذاهبون إلى أنه إنما يفهم بطريق القياس والاعتبار. وذهب ذاهبون إلى أنه فهم من السياق والقرائن. وذهب ذاهبون إلى أن هذا فهم من عرف الاستعمال. [فإنه] قد صار بعرف الاستعمال قول القائل: لا تقل [له] [أف]، عبارة عن نفي الأذى على الإطلاق.
وقال قائلون: فهم من باب [إلحاق] الأدنى بالأعلى. وعلى الجملة [فالفرق] متفقةٌ على أن مجرد قول القائل: [لا تقل له أف]، لا يقتضي منع الضرب، بناءً على أن التأفيف صار عبارة عن نفي كل أذى بحال. وإنما النظر هل صار دالًا على ذلك بعرف الاستعمال، أو بقرينة الحال، أو بطريق