النظريات التي هي محل الغلط. فإذا كان الغلط في هذا لا يتفق لعوام الناس، فكيف يتصور تطرق هذا الغلط إلى الصحابة بجملتهم على استمرار العصور من غير تنبه للغلط فيه، وهم أعلم خلق الله، وأعظمهم فطنة، وأتقنهم رأيا، وأشدهم بجثا وبصيرة؟ فيعلم بالضرورة [بطلان نسبة ذلك] إليهم، من جهة اعتقاد ما ليس بمتواتر متواترا.
وأما الوجه الثاني: وهو إمكان الخطأ باعتبار فهم الدليل حتى يعتقدوا فيه أنه قاطع وليس بقاطع، [فهذا] أيضًا محال، فإن القاطع في ذلك هو النص، إما باعتبار وضعه المطلق، أو بانضمام [قرينة] حالية أو مقالية إليه. فإن قدرنا أنه نص مجرد، استحال عليهم الغلط فيه، لأنهم أو أكثرهم أهل اللغة، فكيف يتصور عليهم الغلط في لغتهم؟ وذلك محال. وأما من كان منهم من غير أهل اللغة، فقد مارس العلم وعرف الفرق بين النص الظاهر، فلا يخفى عليه.
واعلم أن علماء زماننا لا يتلقون من علماء الصحابة العشر من الشريعة، ولا يتفق في الاعتياد أن يلتبس على جملة علماء الإسلام اللفظ الظاهر فيعتقدوه نصا، حتى لا ينتبه منتبه لجهة ظهوره. هذا محال في العادة. وأما إن قدرنا أنه نص بسبب القرائن، فالأمر كذلك أيضًا، فإن القرائن تحصل علوما ضرورية (165/ب) لمن شاهدها. وتقدير الإنسان أن القرائن قد يمكن أن لا تكون انتهت إلى حد يحصل العلم، باطل، فإن هذا أيضا مع الكثرة مستحيل في العادة.
يبقى أن يقال: من استناد كل واحد إلى سبب بحيث يجوز عليه الغلط، ولا يكون صاحبه استند إلى مستنده، وعند انفراد كل إنسان بمستند يتصور