الغلط. قلنا: مقتضى هذه القضية أن لا يثق الإنسان بالأخبار المتواترة، [إذ] يمكن تطرق الغلط إلى كل واحد، وإن أسندوه إلى رؤية كرؤية كل شخص منفردة عن رؤية غيره. على أن تعدد المستندات بعدد الصحابة بالإضافة إلى مسألة واحدة محال. فإن الذين اجتمعوا في زمان عثمان - رضي الله عنه - على جمع المصحف نحو من اثنى عشر ألفا. فعلى هذا التقدير يكون في الشريعة اثني عشر ألف دليل يقتضي عصمة الأمة اتفق الغلط للكل في كل واحد من تلك الأدلة.
هذا محال.
ولو قدرنا اشتمال الشريعة على اثني عشر ألف دليل ظواهر تقتضي عصمة الأمة، للزم أن تكون القضية معلومة، فإن اجتماع دون هذا العدد من الظواهر يحصل علما بما دلت [الظواهر] عليه. فقد علم بما ذكرناه استحالة الخطأ عليهم في المستند وقد قطعوا. فلابد أن يكون المستند قاطعا.
وأما إلزام إجماع النصارى وغيرهم من الفرق المبطلة، فإنما صح ذلك، لأنهم لم يسندوه إلى أمور ضرورية عندهم، وإنما أسندوه إلى نظر العقول، وهو محل الشبه، وموضع اللبس والوهم. نعم، إن اتفقوا على حكم على مقتضى لغتهم، وهم أيضا يفرقون بين النص والظاهر في لغتهم، وقد كثروا، بحيث يمتنع عليهم التواطؤ، استوى الأمر، ولزمت الإصابة على مقتضى لغتهم. هذا تقرير الدليل، فقد ثبت كون الإجماع حجة بحمد الله على كل حال.
وهذا الأصل الذي قررناه هو أعظم أصول الشريعة، ولو لم يكن في كتابنا هذا إلا هذا المسلك، لكان بالحري أن يغتبط به. وحسبنا الله ونعم الوكيل.