يضمروا خلاف ما يظهرون. فإذا جزموا بأن الإجماع حجة، فهو معتقدهم.

وأما السؤال الثاني: وهو أنهم يجزمون ولا يكونون عالمين، لاحتمال الغلط في المستند. وهذا هو المحل الغامض في المسألة، وفي الانفصال عنه تحصيل الغرض.

فنقول والله المستعان: الطريق في تقرير الدليل أن نضبط ما يصح أن يسند أهل الإجماع الحكم إليه، [ثم] ننظر في إمكان الغلط عليهم فيه واستحالته.

أما الوجه الأول: فإن وجوب الاتباع وتحريم المخالفة حكم شرعي، لا يتصور أن يتلقى من أمر شرعي عقلي، فإن الصحابة رضي الله عنهم إنما تلقوا أحكام الشرع من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إما كتابا وإما سنة، فالقطع بالحكم مع اعتراف الحاكم بكون المستند مظنونا محال أيضًا. والقوم قد قطعوا بكون الإجماع حجة، فلابد أن يقطعوا بالمستند.

فإذا قال القائل: ما المانع من أن يظنوا ما ليس بقاطع في المستند؟ فنقول: يتطرق الاحتمال إلى المنقول من وجهين: إما أن يعتقد غير المتواتر متواترا، وإما أن يعتقد غير النص نصا، إذ يتوهم في الوجهين. وقد يجوز أن يجتمع الوجهان في حق شخص، فيظن ما ليس بمتواتر متواترا، وقد يظن ما ليس بنص نصا.

أما الأول: وهو أن يظن ما ليس بمتواتر متواترا، فهذا مستحيل على العدد الكثير وإن لم يكونوا علماء، فإن الخبر المتواتر يحصل علما ضروريا. وليست الأمور المستندة إلى الأخبار المتواترة وغير المتواترة ما يحصل للسامع من قبيل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015