فإذا تبين بطلان هذه الطرق بما قررناه، فنقول والله المستعان: الإجماع حجة قاطعة ومخالفة محرمة، وخارقه عاص، والدليل على ذلك أن الصحابة - رضي الله عنه - قطعوا بذلك واستمروا عليه، ولم يروا مخالفة الإجماع أمرا هينا، ولا يتصور أن يسند العاقل جزمه إلى أمر مظنون عنده، فإن ذلك محال. فإذا ثبت أنهم مصممون، علم بالاعتياد أن المستند عندهم غير مظنون.
لكن يبقى أن يقال: ما المانع من إضمار خلاف ما أظهروه، فيكونون ظانين، ولكن يظهرون الجزم، والباطن خلاف ذلك؟ هذا سؤال. وسؤال آخر، وهو الذي وجه على الإمام: أنهم وإن صمموا، فما المانع من أن يظنوا ما ليس بقاطع قاطعا؟ وهذا السؤال الثاني هو الغامض، وفي الانفصال عنه تتم المسألة.
والله المستعان.
أما السؤال الأول: [فالكثرة] تحيله، على حسب ما تقدم من أخبار التواتر. فإنا قد حققنا أن العادة (165/ا) تحيل عليهم التواطؤ على الكذب، والصحابة - رضي الله عنه - قد كثروا كثرة مفرطة، وزادوا على عدد التواتر، فمن المحال أن