ولكنا نقول: لما استقرئت الوقائع في العمل بأخبار الآحاد، وتفاوت أحوال الرواة في غلبات الظنون، مع القطع في الاشتراك في أصلها، فإنه قد قبلت رواية الصديق - رضي الله عنه -، مع أنه (لو وزن إيمانه بإيمان العالمين لرجح). وقبلت رواية غيره ممن لا يساويه ولا يقاربه ولا يدانيه. فلا جامع يجمع هذه الأطراف، إلا حصول غلبة الظن.
وإن وقع تفاوت في هذه الصفات، فذلك معتمد في الترجيحات، وأما من يعتبر الأقوى في أصل العمل، لا بالنظر إلى معارض، فمحال، باستقراء أحوال أهل الإجماع. هذا هو الكلام على إحدى الصورتين، وهو إذا توقف الشيخ، ولم يجزم بالإنكار.
أما إذا جزم بالإنكار فالنظر في طرفين: أحدهما - في بقاء العدالة. والثاني - في العمل بالرواية. أما العدالة فثابتة لهما جميعا، إذ هو مكذب لشيخه، كما أن شيخه مكذب له، فهما كبينتين متعارضتين. على أنا قد حققنا أن الجرح لا يثبت بقول وحد، فلا سبيل إلى جرح واحد منهما. وأما العمل، فالذي يقتضيه التحقيق أنه لا يعمل بالرواية بحال.